بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2259)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
ما حكم توسعة الطريق من جهة المقبرة، وذلك من أجل الاستفادة من هذا التغيير، لتوسعة المستوصف المقابل للمقبرة، ولا يتأتى توسعة هذا الطريق إلا بنبش بعض القبور، علما بأن هذه الجهة من المقبرة لم يدفن فيها منذ عشرين سنة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل أن لا يتصرف في المقبرة بأي نوع من أنواع التصرف؛ لأن القبر حبس على صاحبه، ما دام فيه، قال خليل رحمه الله: “والقبر حبس لا يُمشَى عليه، ولا يُنبش ما دام به” [مختصرخليل:52]، ولما يؤدي له من إيذاء الأموات، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كسر عظم الميت ككسره حيًّا) [أبوداود:3207]، إلا إذا تبين أن العظام قد بليت في هذه المقبرة، وصارت رميمًا، فإنه يجوز لكم ردم هذه المقبرة، والدفن فيها من جديد، أو اتخاذ مكانها مسجدًا، أو غيره مما ينتفع به المسلمون، كتوسعة الطريق، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء وبعض علماء المالكية، فروي عن ابن وهب من علماء المالكية: “أن المقبرة تحرث من العشر سنين فصاعدا إذا ضاقت عن الدفن” [حاشية الرهوني على شرح الزرقاني:234/2]، وقال ابن عابدين رحمه الله: “وقال الزيلعي: ولو بلي الميت وصار ترابًا، جاز دفن غيره في قبره وزرعه والبناء عليه” [رد المحتار على الدر المختار:233/2]، وقال النووي رحمه الله: “يجوز نبش القبر إذا بلي الميت وصار ترابا، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض، وبناؤها، وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها باتفاق الأصحاب، وإن كانت عارية رجع فيها المعير، وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره” [المجموع شرح المهذب:303/5].
عليه؛ فيجوز استغلال أرض هذه المقبرة – إذا عَفَتْ – في توسعة الطريق لأجل توسعة المستوصف؛ لكونهما من قبيل الصالح العام، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
17/جمادى الأولى/1436هـ
08/مارس/2015م