جبر الأبِ ابنتَه البكر على الزواج

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3528)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

امرأةٌ بكرٌ يريد أبوها أن يزوجها من ابن عمها، وهي لا تريده، ويقول لها: لن تتزوجي غيره، وهناك رجلٌ متزوجٌ مَرضيُّ الدين والخُلُق خطبها، فماذا تعمل؟ وما حكم تصرف أبيها معها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن من حق الأب جبر ابنته البكر على الزواج من الكفء، سواء كانت صغيرة أو كبيرة؛ لأن الأب ليس كسائر الأولياء، فهو غير مُتهم على ابنته بالتقصير، فلا يختار لها إلا الأصلح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأذنها أبوها في نفسها، وإذنها صماتها) [مسلم:1421]، ففرق الحديث بين البكر والثيب، فجعل الثيب أحق بنفسها من وليها، وليست البكر كذلك، وإنما تستشار وتستأذن؛ تطييبًا لخاطرها، وأبوها مطالب شرعا بأخذ رأيها، فإذا امتنعت لسبب وجيه فيستحب لأبيها عدم إجبارها، وفي ذلك يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لا تُكرهوا فتياتكم على الرجل الدميم، فإنهن يحببن من ذلك ما تحبون” [مصنف ابن أبي شيبة:19607].

وأما إذا كان رفضها لأن الخاطب غير كفء، أو تتضرر به؛ فلا يجوز له إجبارها؛ كأن يكون الخاطب فاسقا، ويريد تزويجه لماله أو نفوذه أو لقرابته، أو يكون أبرص أو مجنونا أو عِنّينا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) [الموطأ:2184،ابن ماجه: 2331]، ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم) [أبوداود:2096،ابن ماجه:1875]، ولحديث عائشة رضي الله عنها: “أن فتاة دخلت عليها فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، وأنا كارهة، قالت: اجلسي حتى يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، (فأرسل إلى أبيها فدعاه، فجعل الأمر إليها) [النسائي:3269]، فهذه الأحاديث محمولة على أن التزويج وقع من غير كفء.

ولا ينبغي للبنت معاندة أبيها إذا اختار لها الكفء، وعليها أن تجتهد في إقناعه بوجهة نظرها، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07/رجب/1439هـ

25/مارس/2018م