حرمان المرأة من الميراث
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2177)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
ما حكم التحبيس على الذكور دون الإناث؟ وما حكم منع الأخ أخته من ميراثها في أرض أبيها؟ وما حكم من يرفض الانصياع لحكم الشرع؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الحبس على الذكور دون الإناث تم إلغاؤه، بالقانون رقم 16 لسنة 1973م المستند إلى فتوى مفتي الديار الليبية السابق، الشيخ الطاهر الزاوي – رحمه الله – سنة 1973م.
ثم صدر قرار من مجلس البحوث والدراسات الشرعية التابع لدار الإفتاء ببطلانه، على تفصيل، كما في القرار المرفق مع هذه الفتوى.
عليه؛ فإن هذا الحبس لا يعمل به، ولا يصحّ؛ لما في ذلك من التحايل على حرمان المرأة من الميراث، وتجب قسمته على الذكور والإناث على السواء، حسب الفريضة الشرعية.
ولا يجوز لأحد أن يمنع أحدا من شيء جعله الشرع حقا له؛ كأن يمنع أخٌ أختَه نصيبَها من ميراث أبيها، فإن هذا من أعظم الظلم وأبْيَنِه، وقد جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة، المحذرة للظالمين من مغبة ظلمهم عامة، وفيما يتعلق بالأرض خاصة؛ ففي الصحيحين أن أبا سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه كان بينه وبين قومه خصومة في أرض، وأنه دخل على عائشة فذكر لها ذلك، فقالت: “يا أبا سلمة اجتنب الأرض؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين)” [البخاري:2453، مسلم:4144].
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تضييع الحقوق؛ خاصة إذا كان صاحب الحق يتيما أو امرأة، فقال صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أحرج حق الضعيفين؛ اليتيم والمرأة) [ابن ماجه:3809]، قال السندي رحمه الله: “قوله: (إني أحرج) بالحاء المهملة من التحريج أو الإحراج، أي: أضيق على الناس في تضييع حقهما، وأشدد عليهم في ذلك، والمقصود إشهاده تعالى في تبليغ ذلك الحكم إليهم، وفي الزوائد: المعنى: أحرج عن هذا الإثم بمعنى أن يضيع حقهما، وأحذر من ذلك تحذيرا بليغا، وأزجر عنه زجرا أكيدا، قاله النووي، قال: وإسناده صحيح رجاله ثقات” [حاشية السندي على ابن ماجه:393/2].
وليحذر المسلم من الإعراض عن تطبيق الأحكام الشرعية بعد تبيُّنها، فإن ذلك من أعظم الإثم، قال تعالى: (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِّن قَبْلِ أَنْ يَّأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ) [الشورى:47].
بل قد يصل الإعراض إلى الكفر، إذا كان المانع عدمَ الاقتناع بالحكم الشرعي بعد تبينه، أو كراهته، أو تفضيل حكمٍ على حكم الشرع، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
04/ربيع الآخر/1436هـ
25/2015/01م