بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2880)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
مطلقتي رفعت ضدي قضية في تركيا وإيرلندا، لاسترجاع حضانة أولادها، بعد أربع سنوات من تنازلها عنها، مدعيةً أنهم غير شرعيين؛ لكي تفوز بالقضية، فهل يناسب أن يتربى الأولاد مع أمهم بعد هذا الادعاء، الذي سيرجع على الأولاد بالضرر المعنوي والأخلاقي؟ وما حكم فعلها في ميزان الأخلاق الإسلامية؟
وإذا طلبت امرأة الطلاق بلا سبب ولا ضرر، فهل يسقط مؤخر صداقها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فما جعلت الحضانة إلا لحفظ الولد، وتربيته، والقيام على مصالحه، وحمايته مما يضره في بدنه أو دينه أو خلقه، لذا؛ فإن الحضانة تسقط عن الأم إذا تزوجت بعد الطلاق من أجنبي عن الأطفال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأم: (أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تنْكحِي) [أبوداود:2276]، وتنتقل الحضانة إذا سقطت عن الأم إلى قرابة الطفل من جهة أمه؛ جدته من أمه ثم خالته ثم خالة الأم، ثم عمة الأم؛ لأن القرابة من جهة الأم أحق من الأب وقرابته، فإن لم توجد قرابة من جهة الأم تقبل الحضانة، أو وجدت وكانت القرابة من جهة الأم غير مأمونة على تربية المحضون، انتقلت الحضانة إلى الجدةِ مِن جهة الأب، وترتيب قرابات الأب بعدها كترتيب القرابات من جهة الأم، وحضانة الذكر تستمر إلى البلوغ، والأنثى إلى الزواج.
وإذا كان الأمر كما ذُكر في السؤال، وثبت ما نسبه السائل لطليقتِه؛ فإنّ الحضانة تنتقلُ منها لأمها إن كانت مسلمة؛ لأن صدور الكذب أو الزنا من الأم – حسب دعوى السائل إن ثبت – هو مِن المفسقات، ومن باب أولى الكفر، إن كانت الحاضنة غير مسلمة؛ لأن الفسق لا يؤمن معه على حفظ دين الطفل؛ قال الشيخ الدردير رحمه الله في كلامه على شروط الحاضن، مختلطًا كلامُه بكلام خليل: “(وَالْأَمَانَةُ) أَيْ: أَمَانَةُ الْحَاضِنِ؛ وَلَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا فِي الدِّينِ، فَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ؛ كَشِرِّيبٍ، وَمُشْتَهِرٍ بِزِنًا، وَلَهْوٍ مُحَرَّمٍ” [الشرح الكبير:528/2].
وأما طلب الزوجة الطلاق من زوجها، فلا يسقط مؤخر صداقها، إذا استجاب الزوج لطلبها دون مقابل، مثل اشتراط تنازلها عن الصداق، أو عن الحضانة، فإن فعلت ذلك وتنازلت سقط حقها؛ لقول الله تعالى: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة:229]، فإن لم تتنازل فحقها في الصداق أو غيره قائم، لا يسقط بمجرد طلب الطلاق، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25/جمادى الآخرة/1437هـ
03/إبريل/2016م