طلب فتوى
الأسئلة الشائعةالإجارةالبيعالغصب والتعديالفتاوىالمعاملاتقضايا معاصرة

حقوق النشر والطباعة واستعمال البرامج المحمية والتهكير

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5870)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أعمل مدرّبًا في مجال تعليم اللغة الإنجليزية ولغة الحاسوب، في إحدى المدارس الخاصة، والكتب المقررة لهذه الدورات يؤتَى بها من الخارج، وتكلفة النسخة الواحدة (120 د.ل)، ولا يحتاجها الطالب إلا في مدة الدورة، التي لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ثم يطالب باقتناء الكتب المخصصة للمستويات المتقدمة، فتقوم المدرسة -بدافع التسهيل على الطلبة وتخفيف التكاليف على أولياء أمورهم- بتصوير هذه الكتب، وبيعها للطلبة بسعر التكلفة (التصوير) وأحيانًا بأقل منه؛ فما حكم ما تقوم به هذه المدرسة؟ علمًا أنَّها لم تأخذ الإذن من مؤلفي هذه الكتب أو دور النشر التي قامت بطباعتها، وما حكم استخدامها لنسخ غير أصلية للبرامج الإلكترونية، مثل برنامجَي (الوورد والإكسل) في أجهزة التدريب الخاصة بهذه المدرسة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن تصوير الكتب أو استعمال البرامج دون إذن من أصحابها تفصيله كالآتي:

  • أن  يكون البرنامج أو الكتاب تملكه جهة غير محاربة للمسلمين، وكان المتعدي عليه يستعمله لخاصة نفسه، أو للنفع العام للمسلمين دون ربح، وكانت البرامج محمية على وجه من وجوه الحماية، فالتعدي عليها لا يجوز؛ لأن المال محترم شرعا، سواء كان مالكه مسلما أو غير مسلم، قال النووي رحمه الله في شرح حديث (فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّار…): “التَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الِاحْتِرَازَ مِنَ الْكَافِرِ؛ فَإِنَّ مَالَ الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ وَالْمُرْتَدِّ فِي هَذَا كَمَالِ الْمُسْلِمِ” [شرح صحيح مسلم: 12/6]. والغاية بنفع الناس لا تبرر الوسيلة بالتعدي عليها، ولأن تنزيلها بطرق متحايَلٍ بها هو من الغش، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ غَشَّ، فَلَيْسَ مِنَّا) [مسلم: 164]، ولأنَّ البرنامجَ أو الكتابَ مِلْكٌ للجهة التي أصدرته، وصرفت عليه الأموال الطائلة، فهو مالٌ من أموالها، لا يجوزُ التعدي عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [السنن الكبرى: 11325]، والحقوق المعنوية كالحقوق المالية.
  • أن يكون مالكُ ما ذُكر جهةً غير محاربة للمسلمين كالأول مع وجود ما يدل على حفظ الحقوق، وكان المتعدي عليه يستعمله لأغراض تجارية ربحية، فالتغليظ في التعدي عليه أشد، والتحذير منه أعظم، فلا يجوز استعماله إلا إن كان أصليًّا، وبعد دفع ثمنه، ولا يجوز اختراق حمايته ولا قرصنته من قِبَل المحترفين؛ لأنه اعتداء على حقوق الآخرين، والحقوق المعنوية المتمثلة في جهود الناس وابتكاراتهم هي في الحرمة كالحقوق المالية، ولأن شرط الحماية مما يجب الوفاء به، و(المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ) [أبوداود: 3594].
  • إذا كانت هذه الجهة التي تملك البرامج أو الكتب محاربةً للإسلام معلنة العداء عليه، فإن مال المحارب حينئذ لا حرمة له، ويجوز للمسلم أن يأخذه ويستعمله متى قدر على ذلك، ولكنه ريعه فيءٌ في بيت مال المسلمين، فلا يختص به من استولى عليه، وإذا كان بيت مال المسلمين غيرَ منتظم، فيجب إنفاق هذا المال في مصالح المسلمين العامة، فإن كان هذا الربح المتحصل من البرامج ماديًّا، فيجب إنفاقه في مصالح المسلمين العامة، وإن كان الربح المتحصل حقوقا معنوية، فتجب إتاحتها لعامة الناس، وانتفاع الناس بها في هذه الحالة هو صرف لها في المصالح العامة.

وعليه؛ فيجب على القائمين على المدرسة المذكورة في السؤال، التقيدُ بما ذكر، حسب التفصيل السابق، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

حسن بن سالم الشريف

عبد العالي بن امحمد الجمل

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06// جمادى الآخرة// 1446هـ

08//12//2024م  

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق