طلب فتوى
الفتاوىالمعاملاتقضايا معاصرة

حكم أخذ المصرف عمولة على كل عملية تحويل عن طريق التطبيق، مع دفع رسوم سنوية خاصة بهذه الخدمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5469)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ما حكم أخذ المصرف عمولة -تختلف باختلاف المبلغ- على كل عملية تحويل عن طريق التطبيق، مع دفع رسوم سنوية خاصة بهذه الخدمة؟ وهل يجوز تحديد سقفٍ للمبلغ المحول، الذي ينتج عنه ربحٌ مباشرٌ للمصرفِ، بسبب اختلاف العمولة باختلافِ المبلغِ المحوَّل؟ وما حكم توزيع السيولة عبر السحبِ من الآلات، التي تكلفُ الزبونَ خصوماتٍ أكثر مِن السحبِ عن طريقِ الصكوك؟ وما حكم تحديدِ سقف قليلٍ للسحبِ عبر آلاتِ السحب، فيضطرُّ الزبونُ للسحب أكثر مِن مرة، وتزيدُ بذلك الخصومات؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فما يدفعه الزبون من رسوم سنوية هي في مقابل الاشتراك في خدمة التطبيق، وليست خاصةً بعمليات التحويل، وهي إجارة جائزة، بِشَرْطِ إعلام صاحب الحساب، ورضاه بها قبل خصمها؛ وبشرط تقديم المصرف الخدمةَ التي تعاقد عليها من خلال التطبيق؛ لأنّه عقدٌ على أجرة، يشترط فيه رضَا الطرفين والتمكين من استيفاء المنفعة، لا أنْ يكون النظام في معظم الأوقات معطلًا، وخصم الأجرة مستمرًّا، فيكون ذلك من المصرف غشًّا وخداعًا، ومِن أكل أموال الناس بالباطل.

أمّا التحويلُ المذكورُ في السؤال، فهو التحويلُ من حسابٍ إلى حسابٍ بالعملة المحلّية؛ وليس بالعملة الأجنبيةِ حتى يعدَّ مِن الصرف؛ لأن التحويلَ بالعملة الأجنبية غير متاحٍ عن طريق التطبيقاتِ في بلادنا، والتحويل بالعملة المحلية يُحوِّل فيه المصرفُ المبالغ مِن مالهِ ويخصمُه من الزّبون، فله أن يأخذ عليه أجرةً لا تزيد على التكلفةِ الفعلية، فإذا أخذ زيادة على التكلفة الفعلية فهو مِن الزيادة على السلف، وهي محرّمةٌ، كما في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 13 (3/1)، المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان 1407هـ = 1986م الذي جاء فيه: “كُلُّ زِيَادَةٍ عَلَى الْخَدَمَاتِ الْفِعْلِيَّةِ مُحَرَّمَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنَ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ شَرْعًا”.

وما دام التحويلُ من حسابِ الزبون بالعملة المحلية، فتحديدُ المصرفِ السقفَ المسموحَ به للتحويل تعسّفٌ وسوءُ خدمة؛ لأن الأصلَ في المصارف أن تُسهلَ للناس مثل هذه الخدمات وتريحَهم؛ لا أن تضعَ لهم مِن اللوائح ما يُصعّبُ عليهم إجراءاتِهم، ويؤدّي إلى زيادةِ أخذِ العمولات منهم.

ويجوز السحبُ عن طريق الآلة وأخذُ العمولة عليه، وكذلك على السحبِ المباشرِ، بشرط ألَّا تزيدَ العمولة على التكلفة الفعليّة للخِدمة، ولا يمتنع أن تكونَ العمولة المأخوذة على السحب عن طريق الآلة أكثرَ من العمولة عن طريقِ السحبِ المباشر؛ لأن الآلاتِ تتطلبُ متابعةً مستمرةً، وصيانةً وخدمةً لتكونَ فعّالةً، فتكلفتُها أعلَى.

وإذا كان تحديدُ سقفِ السحبِ في اليومِ وفي الأسبوع بمبالغَ محددةٍ، بسبب الشحِّ في السيولة -للحفاظ على العدل في توزيعها بين الزبائن- فلا حرجَ فيه؛ لأنّ العدلَ مطلوبٌ، أمّا إن كان التحديدُ لأجل أن يضطرَ الناسُ لمعاودة السحب، حتى يتحصلَ المصرفُ على عمولاتٍ أكثر، فهو -مرةً أخرى- مِن الغشّ، والتحايلِ على أكل أموال الناس بالباطل؛ وهذا سببُهُ أنهم لا يتقيدونَ في العمولة على السحبِ بالتكلفة الفعلية، وإنما يسمحونَ لأنفسهم أن يكون السحبُ بالعملة المحلّية مصدرًا للتربح، وهذا لا يجوز -كما تقدم- ويجبُ عليهم أن يتوقفُوا عنه.

والواجبُ الشرعي على المصارف -فيما يتعلق بالعمولات بصفةٍ عامةٍ- أن تتقيدَ بمنشورات المصرفِ المركزي، الخاضعةِ للرقابةِ الشرعيةِ المحدّدةِ لكلّ خدمة، وتجاوزُها مِن قِبل المصارف لا يجوزُ، وهو استيلاءٌ على أموالِ الناسِ بغير حقّ، قال تعالى: ﴿وَلَا ‌تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ﴾ [البقرة: 188]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ) [مسلم: 2564]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

أحمد بن ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

03//رجب//1445هـ

15//01//2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق