بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (847)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
هل يجوز للجمعيات الخيرية أخذ جزء من أموال التبرعات الواردة إليها، سواء كانت زكاة أوصدقات، أجرة على ما يقومون به من عمل؟ وهل تدخل الجمعيات الخيرية في سهم العاملين على الزكاة؟ وهل يجوز إقامة مشاريع للعائلات المحتاجة بأموال الزكاة؟ وهل يجوز نقل أموال الزكاة خارج البلاد لحاجة المسلمين في البلدان الأخرى؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلايجوز للجمعيات الخيرية أو غيرها الأخذ من أموال الزكاة، ولا الصدقات؛ لأنهم وكلاء عن دافع الزكاة، واليد الواحدة لا تكون دافعة وقابضة في وقت واحد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للعاملين على الصدقة: “مَن اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمْنَا مِخْيَطًا، فَمَا فَوْقَهُ، كَانَ غُلُولاً، يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَسْوَدُ مِن الأَنْصَارِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ، قَالَ: وَمَا لَكَ، قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَأَنَا أَقُولُهُ الآنَ، مَن اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى”[صحيح مسلم: 1833]، قال القاضي عياض: هذا يدل على أنه لا يجوز له أن يقتطع منه شيئًا لنفسه، ولا لغيره، لا أجرة، ولا غيرها، إلا أن يأذن له الإمام الذي تلزمه طاعته” [المفهم لم أشكل من صحيح مسلم : 427]، وليس لهم استثمارها في مشاريع ونحوها إلا بعد إذن الفقير؛ لأن المقصود إيصالها للفقير لسد خلته زمن إخراجها، فإذا أعطيت للفقير، وأذن في استثمارها، جاز ذلك.
ولا يجوز إخراج الزكاة عن بلدها الذي وجبت فيه؛ لقول رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: “فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ” [البخاري: 1496، ومسلم: 19]، إلا أن يكون الفقراء في البلد المنقولة إليه أمس حاجة، ففي المدونة سئل مالك عن نقل الزكاة من البلد الذي حلت فيه إلى غيره، فأجاب: “في أهل البلد التي تؤخذ فيها، فإن فضل عنهم فضل، نقلت إلى أقرب البلدان إليهم، ولو أن أهل بلد كانوا أغنياء، وبلغ الإمام عن بلد آخر مجاعة نزلت بهم أصابتهم سنة أذهبت مواشيهم أو ما أشبه ذلك، فنقل إليهم بعض تلك الصدقة، رأيت ذلك صواباً؛ لأن المسلمين أسوة فيما بينهم إذا نزلت بهم الحاجة” [186/2].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
16/ربيع الأول/1434هـ
2013/1/28