طلب فتوى
الأطعمة والأشربة والصيدالإجارةالتبرعاتالعباداتالفتاوىالمعاملاتالوقف

حكم إقامة الولائم والطعام في المآتم

أخذ الأجرة في صالات الوقف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

رقم الفتوى (5565)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ما حكم الطعام الذي يصنعه أهل الميت في أيام العزاء الثلاثة، يقدمونهُ للمُعَزِّين، وقد يطبخ هذا الطعام من مالِهم برضاهم، وقد يكون بغير رضاهم، وبعض الناس يقدم التمرَ واللبنَ، ثم في اليوم الرابع يقيم الولائمَ ويقدم الطعام، والناس يُسَمُّون ذلك عَشاءَ الميت، فما حكم الشرع في هذا الصنيع؟ وما حكم إجابة الدعوة إليه؟ وفتح صالات المناسبات -الوقف- من أجل ذلك؟ علما أن بعض هذه الصالات ملحق ببعض المساجد، وبعضها مستقل غير ملحق بمسجد، وقد يكون استغلالها بمقابل رمزيٍّ، وقد يكون مجانا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن تقديم الطعام وإقامة الولائم من قِبَلِ أهل الميت بدعةٌ محذر منها، وعُدّت في الحديث من النياحة المنهي عنها، فعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: (كُنَّا نَرَى الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ، وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ ‌مِنَ ‌النِّيَاحَةِ) [ابن ماجه: 1612]، قال الدسوقي رحمه الله: “وَأَمَّا جَمْعُ النَّاسِ عَلَى طَعَامِ بَيْتِ الْمَيِّتِ فَبِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ” [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: 1/419]، ويَعْظُمُ النهي إن كان الطعام المصنوع بغير رضا أهل الميت، بأن حملهم عليه سيف الحياء، والخوف من التهمة بالبخل، إن خالفوا العادة التي اعتادها الناس بغير حق في المآتم، ويكون الأكل حينئذ حرامًا من غير خلاف.

أما صنعُ الطعام لأهل الميت من بعض الأقارب أو الجيران؛ فلا بأس به، بل هو السنة؛ لحديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حيين جاءهم نعيُ جعفر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اصْنَعُوا ‌لِآلِ جَعْفَرَ طَعَامًا؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ شَغَلَهُمْ) [أبو داود: 3132]، وهذا ما لم يكن اجتماع أهل الميت للنياحة، وإلا لم يجز.

وأما صنعُ ما يعرف بعَشاء الميت، أو التاليف أو غيره؛ فهو من هذا القبيل، ومن صنعة الطعام المحذَّر منها، وهو لاحقٌ بالنياحة، فلا تجوز إجابة الدعوة إلى هذه الولائم، ولا فتحُ صالات المناسبات، ولا تأجيرُها لأجل ذلك، سواء الصالات التابعة للمساجد، أو غيرها، إذ لا تجوزُ الاستفادةُ من هذه الصالاتِ إلا بشرطِ منع ارتكاب المخالفات الشرعيّة فيها، سواء فيما يتعلق بالأفراحِ أو المآتم، كعدم استعمال المعازف في الأفراح، وعدم إطعام الطعام لغير أهل الميت في الجلوس للعزاء، وأن يقتصر فيه على ثلاثة أيَّام.

بالإضافة إلى أنه يشترط في صالات المساجد أن تكون موقوفة لهذا الغرض من الأصل، لا أن تكون غيرَ موجودة ضمن الوقف، وأحدَثَها الناس في الوقف بعد ذلك، أو تكون موقوفة لغرض آخر، كمركز لتحفيظ القرآن العظيم، فحُوّلت إلى صالة للمناسبات، وإذا كانت ضمن الوقف، واستُعملت استعمالا جائزا؛ فيجب أن تؤجَّر بأجرة المثل، حرصًا على مال الوقفِ، لا بأجرة رمزية كما جاء في السؤال، بخلاف الصالات العامة غير الموقوفة، التي يُتبرَّع بها لهذا الغرض، فلا بأس بالاستفادة منها مجانًا، على الوجه المشروع المتقدم، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

02//رمضان//1445هـ

13//03//2024م  

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق