طلب فتوى
الصلاةالعباداتالفتاوىالمساجد

حكم إقامة صلاة الجمعة في القرى الصغيرة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5767)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ما حكم إقامة صلاة الجمعة في القرى الصغيرة، التي تقطن أماكنها ولا ترحل عنها؟ وما العدد الذي يشترط حضوره لصحة الجمعة؟ وما المقصود بالأمن، الذي إن لم يتوفر جاز للمكلف التخلفُ عن الجمعة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فأهل القرية إذا كانوا مستوطنين بها، بمعنى مقيمين فيها صيفًا وشتاءً بنية التأبيد، لا يرحلون عنها، فإنه يجب عليهم السعي إلى أداء الجمعة، ولو كانوا على مسافة ستة أميال أو أكثر من المسجد الذي تقام فيه، قال الدردير رحمه الله مبيّنًا مَن تجب عليه الجمعة: “(الْمُتَوَطِّنُ) بِبَلَدِهَا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ تَوَطُّنُهُ (بِقَرْيَةٍ نَائِيَةٍ) أَيْ بَعِيدَةٍ عَنْ بَلَدِهَا” [الشرح الكبير: 1/380].

وأما العدد الذي يشترط توفره لصحة الجمعة، فهو اثنا عشر رجلًا ممن تجب عليهم الجمعة غير الإمام، يحضرون من أول الخطبة إلى تمام الصلاة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَة فَقَدِمَتْ سُوَيْقَةٌ، قَالَ: فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا ‌اثْنَا ‌عَشَرَ ‌رَجُلًا أَنَا فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (وَإِذَا رَأَوۡاْ تِجَٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوٓاْ إِلَيۡهَا ‌وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ) [الجمعة: 11]) [مسلم: 863].

وأمَّا ما يبيح الترخص في ترك الجمعة لانعدام الأمن فهو الخوف على النفس من أذى السفهاء والظلَمة بالسب والشتم، وأَوْلى خوفُ ما هو أشدّ من ذلك، مثل الضرب والحَبس، أو التعذيب والقتل، وكذلك الخوف على المال الذي له بال من لصّ أو ظالم أو حريق.

وكذلك الخوف من الإكراه على ارتكاب أمر محرّم، كأن يخاف أن يُكرَه على قتل أحدٍ أو ضربه إذا حضر الجمعة، قال الخرشي رحمه الله مبيّنًا الأعذارَ المبيحة لترك الجمعة: “(‌وَخَوْفٌ ‌عَلَى ‌مَالٍ، أَوْ حَبْسٌ، أَوْ ضَرْبٌ) أَيْ: وَمِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ الْخَوْفُ مِنْ ظَالِمٍ، أَوْ غَاصِبٍ، أَوْ نَارٍ عَلَى مَالٍ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ لَهُ بَالٌ، بِأَنْ يُجْحَفَ بِهِ وَكَذَلِكَ خَوْفٌ عَلَى عِرْضٍ، أَوْ دِينٍ كَخَوْفِ إلْزَامِ قَتْلِ رَجُلٍ، أَوْ ضَرْبِهِ، أَوْ يَمِينِ بَيْعَةِ ظَالِمٍ أَوْ خَوْفِ حَبْسٍ، أَوْ ضَرْبٍ” [شرحه على خليل: 2/91].

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07// ربيع الأول// 1446هـ

10// 09// 2024م    

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق