بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (570)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
طلقت زوجتي كتابة عند محرر العقود، ولم أتلفظ بالطلاق، ووقعت على وثيقة كتب فيها: “تم الاتفاق بين الزوجين على طلقة واحدة رجعية”، ثم ذكر فيها دفع المهر المؤخر، وباقي الحقوق التي اتفقنا عليها، وذلك بحضور أبيها وشاهدين، ثم تصالحنا، ثم طلقتها إثر خصومة، وهي حائض، ثم طلقتها في مخاصمة أخرى بعد تكريرها طلب الطلاق، وأريد الآن إرجاعها، فهل يجوز لي ذلك؟ علما أن لي منها بنتا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالطلاق كتابة يقع ولو لم يتلفظ به، قال الدردير في الشرح الكبير(384/2): “(وَبِالْكِتَابَةِ) لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا (عَازِمًا) عَلَى الطَّلَاقِ بِكِتَابَتِهِ، فَيَقَعُ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ كِتَابَةِ هِيَ طَالِقٌ”، وتوقيعك على الاتفاق المكتوب كافٍ في وقوع الطلاق.
أما الطلاق في الحيض فهو واقع على مذهب جماهير العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه طلق زوجته وهي حائض: فذكر عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (ليرجعها)، قلت تحتسب؟ قال: (فمه؟) (صحيح البخاري: 5449) و(صحيح مسلم: 1471).
يقول الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (60/6): ((أجمعت الأمة على تحريم طلاق الحائض الحائل، فلو طلقها أثم، ووقع طلاقه، ويؤمر بالرجعة؛ لحديث ابن عمر المذكور في الباب، وشذَّ بعض أهل الظاهر فقال: لا يقع طلاقه؛ لأنه غير مأذون له فيه، فأشبه طلاق الأجنبية، والصواب الأول، وبه قال العلماء كافة، ودليلهم أمره بمراجعتها، ولو لم يقع لم تكن رجعة)).
عليه؛ فالطلاق المذكور كله طلاق واقع، وتكون قد بانت به الزوجة بينونة كبرى، لا تحل للسائل حتى تنكح زوجاً غيره؛ لقول الله تعالى في الطلقة الثالثة:) فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ(.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25/ذو القعدة/1433هـ
2012/10/11