طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

حكم ادّعاء الزوجة الطلاق والبينونة الكبرى وإنكار الزوج

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5489)

 

السيد/ قلم كتاب محكمة هـ ج.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة طلب الفتوى الشرعية في الدعوى المرفوعة من قبل (ص) ضد (س)، بشأن واقعة الطلاق، وقد حضر الطرفان إلى دار الإفتاء الليبية، وتم السماع منهما؛ فكان ملخص دعوى الزوجة أن زوجها طلقها ثلاث طلقات متفرقات، عند الطلقة الأولى ذهب أخوها وزوجها إلى بعض المشايخ، فأفتوه بوقوع الطلاق، وبالرجعة، فقام بإرجاعها، وقد شهد أخوها على ذلك، ثم بعد فترة طلقها زوجها الطلقة الثانية، واستفتى شيخًا، فأرجعها دون علم أحد، ثم أوقع الطلقة الثالثة قبل بضعة أشهر من إحالة هذه المراسلة، بعد شجار حصل بينهما، وكانت ابنتها -التي تبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة- حاضرةً، وقد أنكر الزوجُ كلّ ذلك جملةً وتفصيلا.

وبناء على ما مرَّ، من ادعاء الزوجة إيقاعَ زوجها الطلاقَ عليها ثلاث مرات متفرقات، وأنها بانت بذلك بينونةً كبرى، والزوج يُنكر جميع الطلَقات، وينفي أن يكون صدر منه الطلاق في حال من الأحوال؛ فالجواب كما يلي:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإن القول في وقوع الطلاق من عدمه هو قول الزوج؛ لأن العصمة بيده، ما لم تأتِ الزوجة ببينة تثبت صحة دعواها في وقوع الطلقات المذكورة، أو بعضها، كأن يكون هناك من شهد على الزوج، بوقوع الطلاق، فإن لم توجد بيّنة على وقوع الطلاق، وكان مجرد دعوى من المرأة؛ فيجب عليها -إذا كان الطلاق بائنا- عدمُ تمكين الزوج من نفسها، قال ابن جزي رحمه الله: “إِذَا ادَّعَت الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا، وَأَنْكَرَ هُوَ، فَإِنْ أَتَتْ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ؛ نَفَذَ الطَّلَاقُ… وَإِن لَمْ تَأْتِ بِشَاهِدٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ، وَعَلَيْهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْهُ جَهْدَهَا” [القوانين الفقهية: 2/153]، وقال الدردير رحمه الله: “(وَلَا تُمَكِّنُهُ) الْمُطَلَّقَةُ، أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِن نَفْسِهَا، (إِنْ عَلِمَتْ بَيْنُونَتَهَا) مِنْهُ، (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهَا تُقِيمُهَا عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا، (وَلَا تَتَزَيَّنُ)، أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهَا الزِّينَةُ، (إِلَّا) إِذَا كَانَتْ (مُكْرَهَةً) بِالْقَتْلِ، (وَتَخَلَّصَتْ مِنْهُ) وُجُوبًا (بِمَا أَمْكَنَ) مِنْ فِدَاءٍ أَوْ هُرُوبٍ” [الشرح الصغير: 2/592].

وعليه، وبناء على ما جاء في إفادة الطرفين، عند حضورهما إلى دار الإفتاء الليبية، وبعد السماع منهما؛ فالواجب على الزوجة إثباتُ الطلاق المُدَّعى بالبينة؛ وإن لم تقدر فيحرم عليها الرجوعُ إلى زوجها، وتمكينُه من نفسها؛ لأنها تعلم أنها بانتْ منه بينونةً كبرى، بوقوع الطلقات الثلاث، وعليها طلبُ الفراق منه، ولو بخُلع تدفعُه إليه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم  

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

25//رجب//1445هـ

06//02//2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق