حكم استغلال بعض الورثة البيت الموروث ومنع قسمته
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5675)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نتقدم لكم بسؤالنا -نحن ورثة المرحوم (م) أربعة أبناء وأربع بنات-، عن حكم التركة المتمثلة في منزل من طابقين، يسكن الطابق العلوي (ع)، وأما الطابق الأرضي فتسكنه أختنا الصغرى (خ)، التي تعاني من مشكلات صحية، ويستعمله سائر الورثة في المناسبات والأعياد، بعض الورثة متضرر ماديا، ويطالب ببيع المنزل واقتسام ثمنه بحسب الفريضة الشرعية، ولكن (ع) يرفض هذا، بحجة أن (خ) لن تجد من يؤويها، فما الحكم في ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن جميع ما تركه الميت يصير ملكا للورثة بمجرد موته، فيجب عليهم المبادرة بالقسمة؛ حتى يتمكّن كلُّ ذي حق من حقه، ولا يجوز تعطيل المقاسمة متى طلبها أحد الورثة؛ لأن تأخيرها حينئذ هو منعٌ من أداء الحق لأصحابه.
وإذا لم يمكن اقتسام عين التركة -كما هو ظاهر الحال في السؤال الوارد- فيتعين البيع إذا طالب به بعضُ الورثة، ويُـجْبر عليه مَن رفضه، جاء في المدونة: “كُلّ مَا لَا يَنْقَسِمُ مِنْ الدُّورِ وَالْمَنَازِلِ وَالْأَرَضِينَ وَالْحَمَّامَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ فِي قِسْمَتِهِ الضَّرَرُ وَلَا يَكُونُ فِيمَا يُقْسَمُ مِنْهُ مُنْتَفَعٌ، فَأَرَى أَنْ يُبَاعَ وَيُقْسَمَ ثَمَنُهُ عَلَى الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) وَهَذَا ضَرَرٌ” [المدونة: 4/313].
ويزداد الأمر سوءًا إذا كان الرافض للقسمة هو المنتفع من العقار دون غيره؛ لأنه ببقائه يعدُّ غاصبًا للمنفعة التي يشاركه فيها الآخرون، وهذا هو التعدي المحرم شرعًا، قال تعالى: (وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ) [البقرة: 190].
وعليه؛ فإن الواجب على جميع الورثة هو قسمة التركة، ببيع المنزل واقتسام ثمنه حسب الفريضة الشرعية، ويمكن للورثة أن يتبايعوا فيما بينهم الحصص، والممتنع عن قسمة التركة آثم؛ لأنه في حكم الغاصب لحقوق باقي الورثة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04/ذو الحجة/1445هـ
10/يونيو/2024م