حكم افتتاح مدرسة خاصة حديثة بجوار أخرى قديمة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4535)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أسسَ طرفان مدرسةً خاصةً، تولَّى الطرفُ الأول إدارة المدرسة خلال سبع سنوات مضتْ، ولم تحقق المدرسة أرباحًا وافرةً إلا في السنة الأخيرة، ثم حصل خلافٌ بين الطرفين أدَّى إلى فضِّ الشراكة بينهما، فقام الطرف الأول بافتتاح مدرسة أخرى بجوار المدرسة السابقةِ، مما رجع بالضرر على الطرف الثاني، علمًا أن الطرف الأول استفاد من توليه للإدارة في توثيق العلاقاتِ بأولياء الأمور، فما حكم الشرع في ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أنّ مَن أراد أنْ يحدثَ ما فيه ضررٌ محققٌ على جيرانه، مُنع مِن إحداثه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضَررَ ولا ضِرارَ) [ابن ماجه: 2331، وقال النووي: حسن، وله طرق يقوي بعضها بعضا]، ومِن صور الضرر التي ذكروها: أن يحدثَ فرنًا يضرُّ دخانه بالجيران، أو يحفر بئرًا تضر بجدارِ جاره، قال التسولي: “وَمن بنى مَا يضرُّ بجارهِ مِن حَمامٍ أَو فرنٍ أَو لتشبيبِ ذهبٍ أَو فضَّةٍ أَو كير لعملِ حَدِيد أَو رَحى مِمَّا يضرُّ بجاره، فَقالَ فِي الْمَجْمُوعَة: يمْنَع من ذَلِك، وَقَالَهُ مَالك. قَالَ ابْن حبيب: وُجُوه الضَّرَر كَثِيرَة، وَإِنَّمَا تتبين عِنْد نزُول الحكم فِيهَا فَمن ذَلِك دُخان الحماماتِ والأفرانِ وغبارُ الأندر ونتنُ الدّباغ” [البهجة: 2/557].
لكن لم يعدُّوا نقصَ الغلةِ أو انعدامها ضررًا مانعًا من الإحداث، قال التسولي: “(فَإِنْ يَكُنِ) الشَّيْءُ الْمُحْدَثُ (يَضُرُّ بِالْمَنَافِعِ) فَقَطْ (كَالْفُرْنِ) يُحْدِثُهُ (بِـ) قُرْبِ (الْفُرْنِ) أَوِ الرَّحَى يُحْدِثُهَا بِقُرْبِ أُخْرَى أَوْ حَمَّامٍ كَذَلِكَ فَتَقِلُّ غَلَّةُ الْأَوَّلِ أَوْ تَنْقَطِعُ بِالْكُلِّيَّةِ (فَمَا مِنْ مَانِعٍ) مِنْ ذَلِكَ اتِّفَاقًا حَيْثُ كَانَ الْمُحْدَثُ لَا يَضُرُّ بِالْقَدِيِم بِشَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ الضَّرَرِ، بَلْ فِي نُقْصَانِ الْغَلَّةِ أَوِ انْقِطَاعِهَا فَقَطْ قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ” [البهجة: 2/558].
عليه؛ فافتتاحُ مدرسةٍ خاصةٍ حديثةٍ بجوار مدرسة قديمة لا بأسَ به؛ لعدم ترتب ضرر محققٍ مِن إحداثها، والنقصُ في الغلة ليس ضررًا معتبرًا، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02//ذو القعدة//1442هـ
13//06//2021م