حكم الاختلاط بين الذكور والإناث في الدراسة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2692)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
ما حكمُ دراسةِ الطالباتِ في كلية مختلطة، بها عدد قليل من الذكور؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الاختلاط المتكررَ المتواصل، غيرَ العارض، على النحو الموجودِ عند الناسِ اليوم، في الجامعات والمدارس والمستشفيات، والمؤسسات الأخرى في الدولة، هو مِن الاختلاطِ المحرم؛ لما فيه مِن التعرضِ للفتنةِ، ولأنّه يتعذرُ معه غضُّ البصرِ، المأمورُ به شرعًا، في قوله تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ [النور:30]، ولهذا لمّا رأتْ عائشة رضي الله عنها تغيّر أحوالِ النساءِ بعد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قالت: (لو رأَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما أحدثَ النساء بعدَه لمنعهنَّ المساجد) [الموطأ:468]، هذا في زمن عائشة رضي الله عنها ، فما بالكَ بالناس اليوم!!
والواجب على ولاة الأمور وعلى المكلفين بالإدارات في المؤسسات العلمية في المدارس والمعاهد والجامعات والمكلفين في المؤسسات الصحية؛ من مستشفيات، ومصحات، ومرافق صحية عامة أو خاصة، والمكلفين في المؤسسات الإدارية والمالية؛ مِن مصارف، وشركات، ووزارات، وإدارات، الواحب الشرعي على الجميع؛ أن يتقوا اللهَ تعالَى فيما استرعاهم مِن رعية، وأن ينصَحوا لهم، ويرشدُوهم للصوابِ، وأن يضعوا لهم مِن الضوابط والتوجيهات ما يحدُّ مِن الانهماك في المعاصي، ومن الاختلاط المحرمِ في مؤسساتهم، وألا يَقفُوا حجرَ عثرةٍ في طريقِ مَن يريدُ الإصلاحِ، يقولُ النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ، وكلكلم مسؤول عن رعيته) [البخاري:2278/ مسلم:1829]، وسيسأل كل راعٍ يوم القيامة؛ حفظَ أم ضيّع، ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما مِن عبدٍ يسترعِيهِ اللَّه رعيَّةً، يَمُوتُ يومَ يَموتُ وهُوَ غَاش لِرَعِيَّتِهِ، إلاَّ حَرَّمَ اللَّه علَيهِ الجَنَّةَ) [البخاري:7151/ مسلم:380].
وكذلك على من يعنيهم الأمر مِن عامّة الناسِ؛ من الطلاب في المدارس والجامعاتِ، والموظفين، والعاملين في الإدارات والمؤسسات، عليهم جميعًا أن يطالبوا إداراتهم ومؤسساتِهم، بالعمل على توفير الظروف الشرعية الملائمةِ للعمل وللدراسة، ليس فقط فيما يتعلق بالاختلاط، بل بغيره أيضًا، مثل إقامةِ صلاة الجماعةِ في أماكن العملِ، ومنع الخلوةِ بين رجل وامرأةٍ في مكانٍ منعزل، والتقيد أثناء الدوام والدراسةِ باللباس اللائقِ المحترمِ للرجال والنساء على السواء، والحدّ مِن التبرجِ والميوعة وعرضِ الأزياءِ والمفاتن، كل ذلك ممّا يقع على كاهل هذه المؤسسات، وعلى عامة الناس أن يتعاونوا عليه معهم؛ فإن الله تعالى يقول: ﴿وتعاونوا على البرِّ والتقوى﴾؛ لأن هذه حقوقٌ شرعية، يجب على كل مسلم المحافظة عليها، والتعاون على إقامتها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
06/صفر/1437هـ
18/نوفمبر/2015م