حكم الاستيلاء على المال العام
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (726)
ورد إلى دار الإفتاء الأسئلة التالية:
1- ما حكم إقامة الأ كشاك التي تُقَامُ في شوارع المدن دون ترخيص قانوني من الدولة، ودون أيّ إجراءات رسمية، وهل يجوز للمسلم الشراءُ من هذه الأ كشاك، والتعاملُ معها؟
2- ما حكم الاستيلاء على الأراضي التابعة للدولة، وتقسيمِها، والتَّصرُّفِ فيها بالبيع والشراء، أو أيّ نوع آخرَ من التصرفات غير القانونية؟
3- ما حكم إقامة المساكن العشوائية على أطراف المدن، أو في المقرات التابعة للشركات الأجنبية والوطنية، والاستيلاءِ عليها، أو المقرات التابعة لمؤسَّسات الدولة، وجوازِ الصلاة فيها؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ حُرمةَ المال العام أعظمُ من حرمة المال الخاص؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدُّد الذِّمَمِ المالكةِ له، ولقد أنزله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه منزلةَ مال اليتيم الذي تجب رعايتُه وتنميتُه، وحرمةُ أخذِه والتَّفريطِ فيه. [مصنف ابن أبي شيبة: 33585].
والمالُ العامُّ: هو ما كان مخصَّصاً لعُموم النَّاس ومنافِعهم، أو لمصلحةٍ عامة؛ كالمساجدِ، والرُّبُطِ، وأملاكِ بيتِ المال، والأراضي، ونحوِ ذلك مما هو تحت سلطانِ الدولة. والمالُ العامُّ لا يكونُ عاماً إلا بتوفُّر شرطين اثنين:
1- أن يكونَ خاصاً بالدولة.
2- أن يُخَصَّصَ للمنفعة العامة.
ولم يختلف أهلُ العلم في حرمة المال العام، وإنما اختلفوا في سارقه لثبوت الشبهة من عدمها.
وعليه؛ فإن ما جاء السؤال عنه من المال العام الذي يَحْرُمُ التعدّي عليه دون إِذْنٍ وترخيصٍ من الدولة، وهو من أ كْل الأموال بالباطل؛ فلا يجوز بيعُه، ولا شراؤُه، ولا كِراؤُه؛ ولا الإقامةُ فيه؛ كلُّ ذلك باطلٌ لا يصح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً، طوَّقه الله يوم القيامة من سبع أرضين). [مسلم: 3/1230].
أما الصلاةُ في الأماكن المغصوبة؛ فصحيحةٌ مع الحرمة. [حاشية الصاوي: 1/414].
وأما الشراءُ من الأكشاك المقامة بدون ترخيص؛ فهو صحيحٌ مع الكراهة، إن وُجد غيرُه، وعَلِمَ المشتري تعدي البائع على الأرض.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
5/صفر/1434هـ
2012/12/19