طلب فتوى
الإجارةالفتاوىالمعاملات

حكم الاشتغال بعمل في زمن مخصص لعمل آخر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5903)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

هل يجوز لموظَّف يعملُ في شركة خدمات سفر وسياحية خاصة، أن يستقبل حجوزاتٍ لِيُحوِّلها إلى شركةٍ أخرى، ويستفيدَ من ذلك، حيث ستخصِّصُّ له الشركة الأخرى نسبةً على كل حجز، دون أن تستفيدَ الشركة التي يعمل معها؟ وما حكم إقدام الشركة الأخرى على ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فكل عقد بين طرفين هو مُلْزِمٌ لهما، وإن كان شفويًّا، فيجب الالتزام ببنوده وشروطه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) [أبوداود: 3594].

فالموظف المتعاقد معه على عمل مدّة محدّدة من اليوم لا يحلّ له أن يحول هذه الخدمة والمنافع التي اشتريت منه في تلك المدة إلى جهة أخرى، وفعلُ ذلك خيانة وخديعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الْمَكْرُ وَالْخِيَانَةُ ‌وَالْخَدِيعَةُ ‌فِي ‌النَّارِ).

وما يتحصل عليه السائل من أموال من الجهة الأخرى التي يحول إليها الاتصالات من طالبي الخدمة لا حقّ له فيها، بل هي من حق الشركة التي يشتغل معها ويتقاضى منها أجرا، فكلّ ما تحصل عليه من أجر من الجهة الأخرى مدة الدوام مع الشركة الأولى هو من حقّ الشركة الأولى التي يداوم على العمل معها؛ لأن جميع منافعه في تلك المدّة المتعاقد عليها هي من حقّها بمقتضى العقد، وعليه أن يتوب إلى الله من هذا الخلق الذميم المنطوي على الخيانة والمكر والخديعة، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) [الأنفال: 27].

فإن اشترط رب العمل على الأجير عدم الاشتغال مع غيره فهو مُلْزِمٌ للأجير؛ قال الخرشي رحمه الله: “مَنِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ كَثِيرَةٍ لَا يَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ رَاعٍ يَقْوَى بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَلَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ رَبُّهَا أَنْ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا، فَيَجُوزُ وَيَلْزَمُهُ” [شرح الخرشي: 7/24].

وكذلك الشركة الثانية التي تسرق هذه الخدمة من الشركة الأولى عن طريق الموظف ينوبها ما ينوب هذا الموظف من الأوصاف المذكورة؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الآخِذُ والمُعْطِي سَوَاء)، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

14//رجب//1446هـ

14//01//2025م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق