بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5272)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا (ق)، أسأل عما قمتُ به في أرض الوقف التي حبَّسها جدي (ف ع)، حيث إنه ترك عدة أراضٍ في منطقة قصر خيار، وأوصى بثلثها صدقة عنه في تبرعات الآخرة، كما قال في الوصية المرفقة، فعُمِل بالوصية بعد موته، وذلك بتحبيسِ ثلث الأراضي، ثم تأجيرها، وإخراج الإيجار كل عامٍ صدقة عنه، وبعد فترة من الزمن اكترى ابنايَ أرض الوقف، وبنيَا منزلين عليها، ثم اضطررنا إلى الخروج من منطقتنا؛ لمشاكل عائلية، وانتقلنا للإقامة في تاجوراء، وأكريْنا أرض الوقف كاملة بالسكن، فهل يجوز لنا بيع أحد المنزلين وأخذ ثمنه، على أن يبقى المنزل الثاني وقفًا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فما بني على الأرض الموقوفة، تجب إزالته وأخذُ النقض، قال الدردير رحمه الله: “(وَإِنْ بَنَى) ذُو الشُّبْهَةِ (أَوْ غَرَسَ) فَاسْتُحِقَّ (قِيلَ لِلْمَالِكِ) الَّذِي اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ (ادْفَعْ قِيمَتَهُ قَائِمًا) … (إلَّا الْمُسْتَحَقَّةَ بِحَبْسٍ) عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ (فَالنُّقْضُ) بِضَمِّ النُّونِ: أَيْ الْمَنْقُوضُ مُتَعَيِّنٌ لِرَبِّهِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: اُنْقُضْ بِنَاءَكَ أَوْ غَرْسَكَ وَخُذْهُ وَدَعْ الْأَرْضَ لِمَنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ” [الشرح الصغير: 3/622-623]، إلَّا إنْ كان البناءُ المقامُ على أرضِ الوقف فيه منفعةٌ للوقف، فيُعطَى الباني قيمةَ بنائه منقوضًا من غلّة الوقف، قال الدردير رحمه الله: “إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَقَائِهِ مَنْفَعَةٌ لِلْوَقْفِ وَرَأَى النَّاظِرُ إبْقَاءَهُ فَلَهُ دَفْعُ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ لَهُ رَيْعٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَيْعٌ وَدَفَعَهُ مِنْ عِنْدَهُ مُتَبَرِّعًا لِحَقٍّ بِالْوَقْفِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ؛ كَمَا لَوْ بَنَى هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ فَلَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ بَلْ هُوَ مُلْحَقٌ بِالْوَقْفِ عَلَى مَا نَصُّوا عَلَيْهِ” [الشرح الصغير: 3/623].
عليه؛ فلا يجوز بيعُ أحدِ المنزلين، ولا يحق للابنين البانِيَيْن للمنزلين إلّا قيمةُ البناء منقوضًا، فيُعطيانِ القيمة من غلة الوقفِ، وتنفذ وصية الوقف على النحو المذكور بتنفيذ الثلث من غلّة الأراضي المحبسة، بأن تنفق في مصالح المسلمين على الدوام، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
05//صفر//1445هـ
21//08//2023م