حكم البيع إلى أجل مجهول
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5725)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي والدي، وترك فيما ترك بيت العائلة، وقد اتفقنا نحن الإخوة والأخوات على بيع البيت لأخينا الأكبر، على أن يسدِّد لكلِّ وارث نصيبه من البيت لاحقًا، متى تيسرَ له ذلك، ولم نحددْ لذلك أجلًا، وقد أعطى لأختيه جزءًا من نصيبهن في البيت، وبعد سنواتٍ قال إنه عاجز عن دفع ثمن البيت لباقي الورثة، وطلب إلغاء الاتفاقِ، وبيعَ البيت، واقتسامَ ثمنه حسب الفريضة الشرعية، فما هو الحكم الشرعي في ذلك؟ وما حكم المبلغ الذي دفعه لأختيه من قبل؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه يشترط في البيع بالآجل أن يكون الثمن معلوما، والأجلُ معلوما للعاقدَين وقت العقد، ولا يجوز البيع بثمن مجهول، ولا تأجيله إلى أجل مجهول، بل يفسد البيع بانعقاده على ذلك، ويجب فسخه ما لم يفتِ المبيع، فإن فات؛ فإنه يمضي بالقيمة في المقوَّم، وبالمثل في المثلي، قال مالك رحمه الله: “وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، فَإِن نَزَلَ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ تَعْجِيلُ النَّقْدِ لِإِجَازَةِ البَيْعِ؛ لأنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ، وَلِلْبَائِعِ أَخْذُهَا، أَوْ قِيمَتِهَا فِي الْفَوْتِ” [تهذيب البراذعي: 3/155].
وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر؛ فإن البيع المذكور فاسد؛ لأنه انعقد على التأجيل إلى أجل مجهول، وحيث إن المبيع -وهو البيت- قائم لم يفتْ بعد؛ فالورثة لا يزالون شركاء في هذا البيت، بقدر حصةِ كلٍّ منهم في ميراث أبيه، ولهم أن يبيعوهُ ويقتسموا ثمنَه حسبَ الفريضة الشرعية، وما دفعه الأخ الأكبر لأختَيْه على أنه جزءٌ من الثمن؛ فيلزمهنّ ردُّه إليه كما هو؛ لفسادِ البيع، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
01//صفر//1446هـ
05//08//2024م