حكم التأمين التكافلي بالتبرع لإغاثة مرضى الأورام
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5947)
السيد المحترم/ الأمين العام لمؤسسة خ لإعانة مرضى الأورام التكافلية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة طلب فتوى شرعية، بشأن حكم جمع أموال التبرعات من الأفراد المؤسسين لدعم المؤسسة، عبر استقطاع مبلغ شهري من حساباتهم المصرفية، مع إتاحة خيارِ إيقاف المساهمة متى شاء المتبرع، وذلك لغرض إنفاقها على مرضى الأورام، مع استفادة المساهمين أنفسهم من هذه الأموال إذا حصل لأحدهم المرض المذكور.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن هذا من التأمين التكافلي الجائز؛ لأنه من التعاون على البرّ والتقوَى، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:2]، وقال صلى الله عليه وسلم: (وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) [مسلم: 2699].
والذي يدفعُ كلّ شهرٍ مبلغًا معينًا للمؤسسة طواعيةً، فإنه لا يدفعُه ليغامرَ به رغبةً في كسبِ مالِ الآخرين، وإنما يفعلُ ذلك ليعين نفسَه ويعينَ غيره، حين تنزلُ به أو بهم نازلةٌ لا يقدرون على دفعها، حتى يدفعوها متعاونينَ؛ وهو بذلك مأجورٌ -إن شاء الله- فقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأشعريين، فقال عنهم: (إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ؛ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُم مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ) [البخاري: 2486، مسلم: 2500].
وليس هذا من الغررِ المحرَّم، فقد نصّ علماؤُنا رحمهم الله على أنّ الغرر المضرّ، هو ما كان في المعاملاتِ المبنيّة على المعاوضةِ والمماكَسة، لا في عقودِ التبرعات، خصوصًا مع إتاحةِ إيقافِ الاستقطاع الشهري متى شاء المتبرع، فجانبُ الإحسان والمساعدة فيه ظاهرٌ، ولا حرجَ فيه، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26/شعبان/1446هـ
25/فبراير/2025م