طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالوقف

حكم التحبيس على النفس

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5313)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

جاء في وثيقة ما نصه: (جلسة صحيفة رقم (0000) بمحكمة سوق الجمعة الشرعية بين يدي كاتبها م م والشيخ م س ع المأذونين من طرف فضيلة القاضي الأستاذ ر ط بالسماح وتحديد العقارات فحضر م ح ش من قبيلة السّوالم وبعد معرفته وكمال أحواله الشّرعيّة أبرز علماً وخبراً من شيخ قبيلته وإمامها الشَّيخ م ع والشَّيخ ج ع مذيَّلا بإمضائهما ومؤرَّخاً في 1961/3/6م، يتضمن أنه يملك ثلاث قطع أرض بمشتملاتهن الأولى بها حوش وغرس بالقبيلة المذكورة وللجميع حق في بئر الشرب والتوابع والطرق الداخلة والخارجة، يحد الأولى: (ذكر الحدود)، ويحد الثانية: (ذكر الحدود)، ويحد الثالثة: (ذكر الحدود)، ثم بعد ثبوت تملك المذكور لما ذكر قرر بقصد الإشهاد عليه والسماع منه أنه وقف وحبس وأبد وسرمد كامل العقار المذكور بمشتملاته على نفسه ولمدة حياته ثم على بناته الموجودات الآن وهن ع وف وش وخ وما يزداد بعدهن من الذكور والإناث ويكون التوارث بين الجميع على حسب الفريضة الشرعية ثم على ذريتهم ذكورا وإناثا فإذا انقرض الجميع رجع وقفا على جامع الجمعة بالسوالم وحرم على نفسه الرجوع في ذلك كما قرر أن قيمة وقفه مائة وخمسون جنيها ليبيا .. توقيع عدول المحكمة (م م، وم س ع) وإمضاء القاضي (م ق))، وقد توفي المحبس عن بناته الأربع المذكورات فقط، وأبناء أخيه، ولم  يحز الحبس من قبلهن حال حياته، وتصرفن بعد موته وحدهن -بناءً على التَّحبيسِ- ببيع قطعتين من الحبس، وتبرعن بثمن ذلك لبناء مسكن لأختهن خ على القطعة الثالثة؛ كونها فقيرة، ولا مأوى لها أو زوج، والآن توفيت البنات الأربع، ولم تترك البنتان خ وف أولادًا، فورث ف زوجها، وأبناء عمّها، وورث خ أبناء عمّها، وطالبوا بتقسيم الأرض المحبسة على الفريضة الشَّرعيَّة، حيث إنَّ البنات لم يخلّفن شَيئاً سِوَى الأرضِ المحبسة من أبيهم، فما الحكم؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فالتحبيس على النفس باطلٌ عند جماهير أهل العلم؛ لأنّه ممّا لا نفع فيه، ولا قربى ترتجى من ورائه، وليس فيه سوى التّحجير على النّفس، قال الخرشي رحمها الله: “… الْحُبْسَ عَلَى النَّفْسِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْوَقْفُ كُلُّهُ بَاطِلًا إذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يُحَزْ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَمَّا إنْ حِيزَ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّمَا يَبْطُلُ مَا يَخُصُّ الْوَاقِفَ فَقَطْ، وَيَصِحُّ مَا يَخُصُّ الشَّرِيكَ” [شرح الخرشي على المختصر: 7/84].

وكون الوثيقة كتبت في المحكمة ووقع عليها القاضي شاهدا ضمن الشهود، ولم يصدر منه ما يدل على أنه حكم بصحة الحبس كل ذلك لا يغير من الأمر شيئا؛ لأن ما كتب في المحكمة ولو بتوقيع القاضي إذا لم يقترن بما يدل على أنه حكم فتوقيعه لا يفيد أكثر من مجرد أنه شاهد مثل الشهود الآخرين.

عليه؛ فالحبس المذكور باطل شرعًا؛ لعدم حصول شرطه، وهو الحوز من قبل المحبس عليهن حال حياة المحبس، والتّصرّف فيه تصرّف المالك في ملكه، والواجب أن تقسم الأملاك المذكورة على ورثة م ح ش المذكور – ومنهم ورثة خ وف- حسب الفريضة الشّرعيّة، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

02//ربيع الأول//1445هـ

17//09//2023م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق