حكم التسويق الشبكي الهرمي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5776)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
دُعِيت للعمل في شركة كيو نت من قبل أحد زبائن الشركة، وهي شركة تسويقٍ شبكي، يجب على من أراد العمل فيها دفع 3000 دولار أمريكي، وأبلغت بضرورة الموافقة على شروط العمل قبل دفع المبلغ، ومن هذه الشروط الالتزام التام بالعمل من غير عقدٍ مسبق، والاتفاق على أن أكون وكيل تسويق عبر الإنترنت لمنتجات مصنوعة من مواد خاصة، أو من ماركات عالمية – حسب كلام الشركة – كالساعات والأدوية وفلاتر الهواء والمياه، فاشتركت معهم ودفعت المبلغ، وبعد ذلك طلبوا مني دعوة شخصين للعمل في الشركة؛ لأربح 225 دولار، فإن لم أشرك شخصين فلا ربح لي، والربح يزيد كلما اشتركَ أحدٌ عن طريقي أو طريقِ من أشركته، فما حكم عملي بهذه الطريقة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالمالُ المأخوذُ مِن عمليات التسويقِ الهرمي والشبكي مالٌ حرامٌ؛ لأنه مخاطرةٌ وميسر؛ لأن المشترك في السؤال الوارد يدفع ثلاثة آلاف دولار مقابل أن يتحصل على أرباح متوقفة على عدد الزبائن الذي يقدر على ضمّه إلى الشركة، وهو غير معروف، فقد يتحصل كلّ يوم على عدد ويربح أضعافا مضاعفة، وقد يمضي عليه الشهر أو الأسبوع ولا يقدر على ضمّ أحد، فلا يتحصل على شيء، وهذا هو القمار بعينه.
وقد نهى الله تعالى عن القمار والميسر، وقرنه بالموبِقاتِ، فقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ [المائدة: 90].
والحكم في المعاملاتِ المحرمة أنْ يكفَّ المسلمُ عنها بمجردِ علمِهِ بذلك، ويَستردَّ المال الذي أعطاه للشركة إن تمكن، وإن تحصل على ربح فالواجب عليه صرفه في مصالحِ المسلمينَ العامة؛ لأنه مالٌ حرامٌ، لم يُعلم صاحبُه على وجهِ التحديدِ، ولا يُرَدُّ للشركة التي تتعاملُ وتشجعُ على الحرام؛ لأنّ فيه إعانةً لها، ثم إن الشركة مُطالَبةٌ -أيضًا- بالتخلصِ مِن أرباحها الناشئةِ عن هذه المعاملاتِ المحرمةِ، قال القرافي رحمه الله: “قَاعِدَةٌ: – الْأَمْوَالُ الْمُحَرَّمَةُ مِنَ الْغُصُوبِ وَغَيْرِهَا إِذَا عُلِمَتْ أَرْبَابُهَا رُدَّتْ إِلَيْهِمْ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ تُصْرَفُ فِي مَصَارِفِهِ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى مِنَ الْأَبْوَابِ وَالْأَشْخَاصِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ نَظَرُ الصَّارِفِ مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نُوَّابِهِ أَوْ مَنْ حَصَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ” [الذخيرة: 6/28].
وكان على السائل وأمثاله ألا يقدموا على التعامل في هذا التسويق المبني على المقامرة إلا بعد سؤال أهل العلم، ومعرفة حكم الله تعالى فيه، فإنه لا يجوز للمسلم أن يقدم على عمل حتى يعلم حكم الله فيه بإجماع أهل العلم، قال القرافي رحمه الله: “قَاعِدَةٌ كُلُّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا أَوْ قَالَ قَوْلًا أَوْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مِنَ الْمُعَامَلَاتِ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ الله تَعَالَى فِي ذَلِك… فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ حُرِّمَ عَلَى الْجَاهِلِ كَسْبُهُ الْحَرَامُ كَالْعَامِدِ” [الذخيرة: 6/28]، واللهُ أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15//ربيع الأول//1446هـ
18//09//2024م