طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالوقف

حكم التصرف في أرض موقوفة بقسمتها على أولاد المحبس؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5261)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

جاء في وثيقة التحبيس ما نصه: “الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا محمد وبعد أن استقر على ملك م م ك  كامل قطعة الأرض… بتاجوراء… والتي يحدها -ثم ذكر الحدود- ومساحتها هكتار إلا ربعا وقد حبس هذه القطعة وجعلها صدقة جارية كل إنتاجها بعد أخذ أجرة عاملها بعد وفاته ولا يقسم ولا تضرب فيه فريضة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين وقد جعل ابنه ح ناظرا عليه وقد جعل بئر السقي خاصا بالوقف المذكور حرر في 1991م، شهود الحال د ك، ن ك، ص ك مرفقة بالتواقيع”، وقد أهملت هذه الأرض، وأصبح لا يمكن الزرع فيها؛ لعدم توفر الماء، فهل يجوز قسمة هذا الحبس؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالأصلُ أن لا يُتَصرَّفَ في الوقف، بأيّ وجه مِن أوجه التصرفِ التي تُذهِب عينه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر في صدقته: (أَمْسِكْ أَصْلَهَا، وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ)، وقول عمر رضي الله عنه بعد ذلك: “لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ” [النسائي:6432]، قال سحنون رحمه الله: “بَقَاءُ أَحْبَاسِ السَّلَفِ خَرَابًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَهَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ” [شرح الخرشي:7/95]، إلا إن عدم الانتفاع بها على الوجهِ الذي حددَه الواقفُ، وخِيفَ عليها الضياع، فإنها تناقلُ بغيرها بمكان له غلة ينتفع منها الوقف، وقد سئلَ ابنُ رشد رحمه الله عن حكم معاوضة أرض غامرةٍ تابعة لمسجد، فأجاب: “إِنْ كَانَتِ القِطعَةُ مِنَ الأرضِ المحبّسَةِ قدِ انقطَعَت مَنفَعتُها جملَةً، وَعجزَ عَن عِمارَتِها، فَلا بَأسَ بِالمعاوضَةِ فيها بمكانٍ يَكُونُ حُبُسًا مَكانَها، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِحُكْمٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ السَّبَبِ، وَالْغِبْطَةِ فِي الْعِوَضِ وَيُسَجلُ ذَلِكَ وَيُشْهدُ بِهِ” [المعيار المعرب: 7/138].

عليه؛ فإن هذه الأرض تبقى على حالها وقفًا، لا تباع ولا تقسم، كما نص الواقف، فإذا تحققتم من عدم الانتفاعِ بها في الغرضِ الذي حبست لأجله، فيجوز للناظر مناقلتها؛ إمّا باستبدالِها، أو بيعِها، ويشتري بثمنها أرضًا صالحةً للنماء بالزراعة أو غيرها، ويتصدق بإنتاجها كما نص الواقف؛ حفاظًا على الوقفِ من الضياع ما أمكن، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

20//محرم//1445هـ

07//08//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق