بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5670)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا (م) أعاني من أمراض عدة، وأتلفظ بالطلاق كثيرًا، فهل يلزمني ما أتلفظ به من الطلاق؟ علما أني أحلت إليكم تقريرًا طبيًّا، يُشخِّص حالتي الصحية.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ العقلَ هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوالِ والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعِي ما يقول، ويقصدُ ما تكلمَ به؛ فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلقُ لا يعِي ما يقولُ وقت تلفظه بالطلاق، ولا يشعرُ بما صدرَ منه؛ فالطلاقُ لا يقعُ؛ لأنه صارَ في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، وقد جاء في المدونة: “قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيد رحمه الله: مَا نَعْلَمُ عَلَى مَجْنُونٍ طَلَاقًا فِي جُنُونِهِ، وَلاَ مَرِيضٍ مَغْمُورٍ لاَ يَعْقِلُ، إِلاَّ أَنَّ الْمَجْنُونَ إِذَا كَانَ يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ، وَيُرَدُّ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَإِنَّهُ إِذَا عَقِلَ وَصَحَّ جَازَ أَمْرُهُ كُلُّهُ، كَمَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ” [المدونة: 2/84].
وعليه، فإن كان الحال كما ذكر؛ فما صدر من السائل من الطلاق دون إرادته في حالة المرض والضغوط يعدّ فيه كالمكره؛ وهو غيرُ لازمٍ له.
وأمَّا الطلاقُ الذي أوقعه بإرادته وقصده؛ فلازمٌ له، ومؤاخَذٌ به، ويكون في حكم المجنون الذي يغفُلُ ويفيقُ، والسائل أدرى بنفسه، فما أوقعه من الطلقات الثلاث دون إرادة منه؛ غير لازم له، وما أوقعه منها بإرادته، فهو لازم له، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
03//ذو الحجة//1445هـ
09//06//2024م