حكم التلقيح الصناعي وتحديد الأجنة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5524)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما حكم استعمال الإبر التي يُحَدَّدُ بها عددُ الأجنةِ التي تحمل بها الزوجة، على طريقة التلقيح الصناعي، بحيث يتم التلقيح خارجيا، ثم يتم زراعة الأجنة -توأما أو أكثر- في رحم المرأة؟ علما أن للزوجة أولادًا قد أنجبتهم بشكل طبيعي، ولها قدرة على الإنجاب، غير أن المطلوب زيادة عدد الحمل.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فقد بحث مجمع الفقه الإسلامي الدولي مسألة التلقيح الصناعي، وأصدر قرارا بمنع جميع صور التلقيح المعمول بها، ما عدا صورتين اثنتين جائزتين، إحداهما: “أَنْ تُؤْخَذَ نُطْفَةٌ مِنْ زَوْجٍ، وَبُوَيْضَةٌ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَيَتِمَّ التَّلْقِيحُ خَارِجِيًّا، ثُمَّ تُزْرَعَ اللقِيحَةُ فِي رَحِمِ الزَّوْجَةِ” والأخرى: “أَنْ تُؤْخَذَ بِذْرَةُ الزَّوْجِ وَتُحْقَنَ فِي الْمَوْضِعِ المُنَاسِبِ مِنْ مِهْبَلِ زَوْجَتِهِ أَوْ رَحِمِهَا تَلْقِيحًا دَاخِلِيًّا” [قرار رقم: 16 (4/3)].
وإنما تجوز هاتان الصورتان لمن اشتدت حاجته إلى هذه العملية، كما لو تعذر الحمل لدى الزوجة بغير هذه الطريقة، جاء في قرار المجمع: “إِنَّ حَاجةَ الْمَرْأَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ التي لَا تَحْمِلُ، وَحَاجَةَ زوجِهَا إلَى الوَلَدِ تُعْتَبَرُ غَرَضًا مَشْرُوعًا يُبِيحُ مُعَالَجَتَهَا بِالطَّرِيقَةِ المُبَاحَةِ مِنْ طُرُقِ التَّلْقِيحِ الصِّنَاعِيّ”.
وقد صدر عن مجلس البحوث والدراسات الشرعية، التابع لدار الإفتاء، القرار رقم (7)، لسنة 1435هـ 2014م بخصوص هذه المسألة، ونصه: “لا حَرجَ فِي اسْتِعْمَالِ التَّلْقِيحِ الصِّنَاعِيِّ إَذَا دَعَتِ الحَاجَةُ إِلَيْهِ، شَرِيطَةَ أن يَكُونَ الماءُ ماءَ الزَّوْجِ، وَالْبُوَيْضَةُ بُوَيْضَةَ الزَّوْجَة، وأَن لَا تُزْرَعَ إلّا فِي رَحِمِ الزوْجَةِ، وَشَرِيطَةَ أَنْ يقُومَ بهذِهِ العمليةِ طَبِيبَةٌ؛ مَنْعًا للتَّكَشُّفِ، إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ، وَإِلا فَالاسْتِعَانَةُ بِطَبيبٍ ثِقَةٍ، وَأَن يُتَخَلَّصَ مِنَ الماءِ الزَّائِدِ، وَأَن تَجْرِيَ هَذِهِ العَمَلِيَّةُ تَحْتَ أَيْدٍ مُسْلِمَةٍ مَوْثُوقٍ بِهَا، تَخَافُ اللهَ وَتَخْشَاهُ”.
وعليه؛ فلا يجوزُ اللجوءُ إلى التلقيح الصناعي إلّا إن اشتدتِ الحاجة إليه، بحيثُ يتعذرُ الحمل إلا عن طريقه، فيجوز القيام به وفقَ الصورتين الجائزتين المذكورتين، ورغبةُ الزوجين بتكثير عدد الحمل، مع قدرتهما على الإنجاب الطبيعي؛ ليس من الحاجة التي تبيح لهما القيام بالتلقيح الصناعي؛ لما فيه من كشف العورات، والخطورة التي لا ينبغي تقحُّمها دون حاجة مُلحّة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18//شعبان//1445هـ
28//02//2024م