بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3919)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤالان التاليان:
السؤال الأول: نحن سكان منطقة المعقولة بسوق الخميس الخمس، يوجد لدينا مسجد عتيق تحيط به مقبرة، قام أهالي المنطقة بتجديد المسجد، ولكن قام أناس يدعون أنهم سلفيون فأفتوا بحرمة الصلاة فيه، وأشاعُوا هذا الكلامَ بين الناس، حتى هجر بعضهم المسجد، فما حكم الصلاة في هذا المسجد؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه لا يضرُّ وجود القبور خارج المسجدِ، ما دامت مفصولةً عنه بجدار المسجد، ولا حرج في الصلاة في المسجد، فإنّ الذي لا يجوزُ هو أن تكونَ القبور في المسجدِ يصلَّى إليها، وهو المراد بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة إلى القبورِ، ويدل على أن فصل القبر عن المسجد بسياج لا يضر أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه داخل المسجد النبوي الشريف منذ عهد عمر بن عبد العزيز وأن إحاطة القبور بالبناء كافية في عدم النهي، هذا ما فهمه التابعون وسلف الأمة من حديث النهي، ولو كان غير ذلك ما أقروا القبور داخل المسجد، فكون المقبرةِ خارجةٌ عن المسجد، ومحجوزٌ المسجدُ عنها؛ لا يضرّ بالأَولى، والله أعلم.
السؤال الثاني: توجد قطعة أرض بجانب البيت، أوصى صاحبها أن تكون مقبرة، وأن يكون هو أول مَن يدفن فيها، ولكن استولى على الأرض بقوة السلاح أناسٌ يدعون السلفية، وبنوا عليها مسجدًا، فهل هذا الفعل صحيح؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا يجوز التصرف في الأرض التي أوصى صاحبها أن تكون مقبرة؛ إلّا لما حبّست له، فإن الأصل ألا يصرف الوقف إلا في مصرفه الذي خصصه الواقف لصرفه ما دام المصرف مشروعا، وقد شاع بين الفقهاء قولهم في كتبهم (نص الواقف كنص الشارع) احتراما لإرادته لأن الحق له في صرف ماله في القربات حيث شاء، ومن تعدى وبدل مصرف الوقف لغاية في نفسه، فهو آثم يحمل وزر التبديل، قال تعالى: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ [البقرة:181] والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
29/شوال/1440هـ
02/07/2019م