بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (844)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
حصل نزاع بين قبيلتين متجاورتين، أدّى إلى القتال بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، ولم يسفر ـ ولله الحمد ـ عن هذا القتال أضرارٌ تُذكر، وبقي الاحتقان بين القبيلتين، حتى تمّ تفجير ضريح لبعض مشايخ إحدى القبيلتين المتنازعتين، حيث عثر أبناء القبيلة التي يتبعها الضريح، على بطاقة شخصية في موقع الحادثة المذكورة لأحد أبناء القبيلة المنازعة لهم، وتمّ تسليم الشخص صاحب البطاقة إلى الجهة ذات الاختصاص؛ حقنا للدماء، فهل يجوز أن يُبرَم صلحٌ بين القبيلتين، على أن تقوم القبيلة التي اتهمت بتفجير الضريح بإعادة بنائه، وذلك حقناً للدماء، وجمعاً للكلمة ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ التفجيرات مهما كان أسبابُها، أمرٌ محرَّم ومنكَر، وذلك لما تحدثه هذه الأعمال من فوضى، وسفك للدّماء المعصومة، واستهداف للأرواح البريئة، واختلال للأمن والأمان المنشودين، وليس لأفراد الناس استخدام القوّة في إنكار ما يرونه منكَراً، بل هو للحاكم والسلطان؛ لذا يجب العمل على السعي في تحقيق المصالحة بين القبيلتين؛ لقول الله تعالى: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)، وقوله تعالى: (إِنْ يُّرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا)، ولا يجوز اشتراط إعادة بناء الضريح وصولا إلى المصالحة؛ لمخالفة ذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الصلح جائز بين لمسلمين، إلاّ صلحاً أحلّ حراماً، أو حرّم حلالاً)[السنن الكبرى للبيهقي 107/6]، وذكر البخاري: (أن رجلاً كسر طنبوراً لرجل، فرفعه إلى شريح، فلم يُضَمِّنْه شيئاً) [السنن الكبرى للبيهقي 167/6]، وعلى الجميع أن ينتبهوا للظرف الذي تمرّ به البلاد، وأن يغلّبوا المصالح العليا، وأن لا يكونوا عوناً للذين يتربّبصون بهذه البلد الدوائر، أسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع الكلمة على الحق، ويوحّد الصفّ، ويؤلف بين القلوب، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبدالرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15/ربيع الأول/1434هـ
2013/1/27