حكم الطلاق حال الغضب الشديد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5436)

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا (ف) تشاجرتُ مع زوجي (س) في شهر نوفمبر الماضي، فقال لي وهو غاضبٌ: (أنتِ على ذمة روحك من اليوم) فهل يقع الطلاق بهذا اللفظ؟ علمًا بأنه قد طلَّقني من قبل مرتين.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنه بعد التواصل مع الزوج وسؤاله عما إذا كان وقت الطلاق مدركا لما يقول أو غير مدرك؛ فأجاب بأنه لم يكن حين التلفظ بالطلاق مدرِكًا لما يقول؛ لشدة غضبه؛ فالطلاق بذلك غير لازم له؛ لأن العقلُ هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوالِ والأفعال، فإن كان المطلِّقُ يعِي ما يقول، ويقصدُ ما يتكلمُ به؛ فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلقُ شديدَ الغضب وقتَ الطلاق، إلى درجةٍ لا يعِي فيها ما يقولُ، ولا يشعرُ بما يصدرُ منه؛ فالطلاقُ لا يقعُ؛ لأنه صارَ في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، وقال الصاوي r: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوِ اشْتَدَّ غَضَبُهُ … وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [حاشية الصاوي: 1/449].

لكن على الزوج أن يعلمِ أن وقوعَ الطلاق عليه من عدمهِ متوقفٌ على صدقِ ما أخبرَ به، مِن عدمِ إدراكه لما وقعَ منه مِن التلفظِ بالطلاقِ، أمَّا إن كان مدركًا لما وقَع منه من الطلاقِ؛ فإنّ هذه الفتوى لا تفيدُه؛ لأنها بُنيتْ على إخباره بعدمِ إدراكه، فإذا كانَ الواقعُ غيرَ ذلك، وكان مدركًا؛ فالطلاقُ لازمٌ له، والفتوَى لا تصلحُ له، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحب وسلم

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

أحمد بن ميلاد قدور

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

13//جمادى الآخرة//1445هـ

26//12//2023م