حكم العمل في شركات تجهيز الأفراح والمناسبات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5971)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن شركة متخصصة في ديكورات الصالات والمناسبات، يختار الزبون الديكور عن طريق متابعة صفحتنا أو مراسلتنا أو زيارة مقر الشركة، والمقر يعمل به مهندسون في طابق مستقل عن طابق المهندسات، الذي فيه ما يُحتاجُ إليه من حمامٍ ومكانٍ لإعداد الشاي وغيره؛ لكيلا يختلطَ بعضُهم ببعض، ويستقبل الزبائن عاملةَ استقبال، ثم يقابلونَ المهندس أو المهندسة، ولكن ربما يُضطر المهندس لمقابلة الزبائن من النساء، للتفاهم على المطلوب، وشرح ما يحتاجُ لإيضاح، ومنهن من تكونُ متبرجة.
ثم إنّ عملَنا يتمثل في توفير ديكورات وكراسي وطاولات وغيرها، صنعناها بنمط جديدٍ ومختلف؛ لترغيب الزبائن في الإقبال علينا، فنؤجرُ الكراسي والطاولات، ونركب الديكورات للمنازل والصالات، لمناسبات الأفراح، والحفلات، وما يعرف بالفضانية، وتوديعِ العزوبية، مع تجنبنا لتنسيقِ المناسبات الممنوعةِ شرعًا كـأعيادِ الميلاد وغيرها، والديكور المستعمل يتمثل في حوائط بزخرفة إسلامية، أو ستائر وورود، وما يعرف بالكوشة، وصناديق مزخرفة، توضع عليها مواد الزينة أو مواد الضيافة، فهي ديكورات توضع زيادة على ما يوجد في الصالات، وكل ما نوفره هو حسب طلب الزبائن، ونتجنب استعمال التماثيل والمجسمات وما يشبهها، ومن تخصصاتنا أيضًا تنظيم كل ما يخص المناسبة بالكاملِ مِن حجوزات؛ مثل الأكل والضيافة والمكان الذي ستقام فيه المناسبة، مع عدم تدخلنا في ما يخص الغناء والموسيقى، وجاء هذا التنظيم بسبب طلب بعض العائلات منا ذلك؛ لانشغالهم بظروف الحياة، وقلة خبرتهم في هذا المجال؛ فهل العمل في هذا المجال جائز شرعًا؟ وإن كان غير جائز؛ فهل هناك ضوابط شرعية يمكن اتباعها لتصيرَ موافقة للشرع، خاصة في طريقة استقبال الزبائن من النساء؟ وهل يعتبر العمل في هذا المجال من الإعانة على الإسراف، وتكليف الناس ما لا يطيقون؟ وبمَ تنصحوننا من حيث الاستمرارُ في هذا العمل، أو تركُه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالعمل في هذا المجال هو من التشجيع على التوسع في الإنفاق ومظاهر الترف التي لا تسلم من التباهي والمفاخرة، وقد حذر القرآن من ذلك، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [لقمان: 18]، وجاء في الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما: (كُلْ مَا شِئْتَ، وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ) [البخاري: كتاب اللباس].
وفي ذلك أيضا دفع للأموال الطائلة التي ترهق البيوت، وتعسر الزواج على الشباب؛ إذ هذا النشاط لا يتوافق مع المستوى العام لدخول الناس الشهرية، وقد تقدر عليه فئة قليلة، ومن لا يقدر عليه -وهم أكثر الناس- يجد نفسه مجبرًا على أن يفعله بسبب الضغط الاجتماعي القاسي الذي لا يرحم، وهو ما يلجئ كثيرا من الشباب محدودي الدخل إلى اقتحام المحرمات والمغامرات المالية التي لا تحمد عواقبها.
فهذا النشاط المتخصص في اختراع الزخرفة ووسائل صرف المال يكون سببًا لكل ما ذكر، ويزيد من معاناة الناس وشدة الأمر عليهم، فلو وجهتم مهاراتكم إلى نوع آخر من الابتكار الذي يخفض التكاليف ويحبب الناس إلى التواضع واستعمال المتاح لهم بأقل التكاليف، لكان في عملكم خير وبركة وإعانة على البر والتقوى والإحسان إلى عباد الله، فمن رفق بالناس أو كان سببا في الرفق بهم رفق الله به، ومن شدد عليهم شدد الله عليه.
بالإضافة إلى أنّ ما تقومون به من تنظيم الحفلات لا يخلو من منكرات من اختلاط وغناء وتصوير للعورات، فهذا ونحوه -وإن لم تكونوا أنتم من دعوتم إليه- لا تسلمون من آثاره.
عليه؛ فالأولى ترك هذا العمل؛ لأنه محفوفٌ بمحذوراتٍ شرعية كثيرة، يصعُبُ الاحتراز منها، إضافةً إلى الإسراف والتبذير، والمغالاة في تكاليف الزواج، وهي عاداتٌ سيئةٌ، يجِبُ أن تُماتَ، لا أن تُرسَّخ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
24//رمضان//1446هـ
24//مارس//2025م