طلب فتوى
الفتاوىقضايا معاصرة

حكم المساهمة في الصناديق التكافلية

بسم الله الرحمن الرحيم

رقم الفتوى ( )

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

نحن سكان قرية عقدنا العزم على إنشاء صندوق اجتماعي يدفع فيه سكان القرية خمسة دنانير، يساعد به من توفي له أحد، أو حدث له حادث بالسيارة، فما حكم هذا العمل؟ علماً بأنه قد جاءتنا فتاوى أوقعتنا في حيرة أرفقنا لكم صورة منها.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنشاء صندوق تعاوني، تجمع فيه التبرعات، ويعان به المحتاجون من الأمور الجائزة، ومن التعاون على البر والتقوى، الذي أمر الله سبحانه وتعالى به في قوله: )وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(؛ لأن من يتولاه هو المؤمن لهم أنفسهم، والمخاطرة فيه ليست من أهداف تأسيسه، إنما أهدافه التعاون والتكافل الاجتماعي، والغرر الذي به غير مقصود، وقد نص علماؤنا على أن الغرر المضر هو ما كان في المعاملات المبنية على المعاوضة والمماكسة، لا في عقود التبرعات، التي منها الصناديق التكافلية، قال القرافي عند الفرق الرابع والعشرون بين قاعدة ما يؤثر فيه الجهالات والغرر وما لا يؤثر فيه: “وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَلَ، وَهُوَ مَالِكٌ، بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُجْتَنَبُ فِيهِ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ، وَهُوَ بَابُ الْمُمَاكَسَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمُوجِبَةِ لِتَنْمِيَةِ الْأَمْوَالِ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ تَحْصِيلُهَا، وَقَاعِدَةِ مَا لَا يُجْتَنَبُ فِيهِ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ، وَهُوَ مَا لَا يَقْصِد لِذَلِكَ … ثَانِيهِمَا: مَا هُوَ إحْسَانٌ صِرْفٌ لَا يُقْصَدُ بِهِ تَنْمِيَةُ الْمَالِ، كَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ، فَإِنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا يُقْصَدُ بِهَا تَنْمِيَةُ الْمَالِ، بَلْ إنْ فَاتَتْ عَلَى مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهِ بِهَا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا، بِخِلَافِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إذَا فَاتَ بِالْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ ضَاعَ الْمَالُ الْمَبْذُولُ فِي مُقَابَلَتِهِ، فَاقْتَضَتْ حِكْمَةُ الشَّرْعِ مَنْعَ الْجَهَالَةِ فِيهِ، أَمَّا الْإِحْسَانُ الصِّرْفُ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ، فَاقْتَضَتْ حِكْمَةُ الشَّرْعِ وَحَثُّهُ عَلَى الْإِحْسَانِ التَّوْسِعَةَ فِيهِ بِكُلِّ طَرِيقٍ بِالْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْسَرُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ قَطْعًا، وَفِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ إلَى تَقْلِيلِهِ…” [الفروق للقرافي: 137/2].

والواجب أن لا يعان بهذه الأموال على مخالفات شرعية؛ كصنع الولائم في العزاء، وإطعام الطعام المنهي عنه، والذي يتنافى مع ما هو عليه الحال في الموت.

وينبغي توسيع نطاق هذه الصناديق، لمساعدة الأرامل والمحتاجين، وإعانة الشباب على الزواج، وتحمل دية قتل الخطأ، ونحو ذلك من الإعانة. والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                        مفتي عام ليبيا

 

 

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق