حكم الوصية بأكثر من الثلث
بسم الله الرحمن الرحيم
رقم الفتوى (197)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
وصى جدنا (س) لابني ابنه (ص) و(ع) بالثلث الجائز في جميع أملاكه، ثم وصى وصية ثانية جمع فيها ابني ابنه المذكورين مع (ل) و(م) و(ن) بِخَمْسِ قطع أرض لكل واحد منهم الخُمُس في كل أرض، ثم تنازل لابنه (ر) والد الموصى لهم بقطعتين من الخمس الموصى بها، فحازها وحفر بها بئراً وغرسها واستقل بريعها، فما حكم هذه الوصايا والتنازل المذكور؟ وهل تعد الوصية الأولى باطلة بالوصية الثانية؟ وكيف تقسم تركة جدنا؟ علما بأنه مات عن ابنه المذكور وبنتين وأبناء ابنه الموصى لهم، ولهم إخوة آخرون لم يخصّهم الجد بشيء؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلما كانت هذه الوصايا تزيد عن ثلث التركة الجائز يشاور الورثة في إمضائها فإن أمضاها الورثة فتمضي على ما ذَكَر الموصي في الوصيتين، وإذا لم يقرها الورثة تحاصص الموصى لهم داخل الثلث من تركة الميت، كما يتحاصّ غرماء المفلس في ماله الذي يباع عليه، كل بحصته الموصى له بها، وتكون من الوصايا التي لا تبدئة فيها – وهي التي لم يرتبها الشارع ولا الموصي – وضاق الثلث عنها. جاء في في التاج والإكليل: “قال مَالِكٌ: مَنْ أَوْصَى بِوَصَايَا لِقَوْمٍ وَأَوْصَى بِبَقِيَّةِ ثُلُثِهِ لِرَجُلٍ … وَأَوْصَى بِوَصَايَا لِقَوْمٍ آخَرِينَ وَلَمْ يُغَيِّرْ مِن الْوَصِيَّةِ الْأُولَى شَيْئًا، ثُمَّ مَاتَ، قَالَ مَالِكٌ: … يَكُونُ أَهْلُ الْوَصَايَا فِي الثُّلُثِ سَوَاءً، إنْ وَسِعَهُمْ أَخَذُوهَا، وَإِلَّا تَحَاصُّوا فِيهَا بِقَدْرِ وَصَايَاهُمْ) 55/4.
وطريقة عمل الفريضة بذلك: إنه لما كانت الوصية بها ثلث وخمس وبين الخمسة مخرج الخمس والثلاثة مخرج الثلث التباين، فإن الناتج من ضربهما خمسة عشر يوضع على رأس الوصية، فيأخذ أصحاب مخرج الثلث خمسة أسهم، ويأخذ كل واحد من أصحاب مخرج الخمس ثلاثة أسهم، وبذلك تعول المسألة إلى عشرين حاصل جمع السهام، ويوضع على رأس المسألة، ويعطى لأصحاب الثلث خمسة أسهم يقتسمونها بينهم، ولكل واحد من أصحاب الخُمُس ثلاثة أسهم.
وتنازل الجد لابنه في الأراضي المذكورة هبة صحيحة قد حازها حيازة تامة بحفر البئر والزراعة فيها والاستئثار بريعها، ثم يقسم باقي ما يتركه الميت على الورثة المذكورين للذكر مثل حظ الأنثيين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم