بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (805)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
اشترى والدي قطعة أرض سنة 1952م، بعقد موثق من المحكمة، ثم بعدها بعدة أشهر أضاف عليها قراطان بعقد صحيح، وبنى فيها، وقسم بعضها على الورثة، وباع منها، وغرسها، واستمرت حيازته لها 60 سنة، وظهرت دعوى في شهر 12/2012م، محتواها أن هذه الأرض يوجد بها حبس في عشرة أقرط، وهذه الأحباس هي وقف للذكور دون الإناث، فهل تصح هذه الدعوى بعد هذه المدة الطويلة، وبعد هذا التمليك الصحيح، علماً بأنّ الأرض تعاقب عليها ملاّك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الحبس على الذكور دون الإناث، هو محل اختلاف بين أهل العلم، والصواب الذي ترجحه الأدلة الشرعية أنه غير جائز شرعاً، وهو المعتمد في أ كثر المذاهب، وهذا الحبس على الذكور دون الإناث تمّ إلغاؤُه بصدور فتوى من مفتي الديار الليبية السابق الشيخ الطاهر الزاوي رحمه الله سنة (1973م)، وبعد هذه الفتوى صدر القانون رقم (16) لسنة (1973م) بإلغائه، فعليه إذا ثبت بأن المحبِّس، أو أحد ورثته، هو من تصرف فيها بالبيع، وثبتت بينة الملك بهذا، فيكون البيع صحيحاً، وتكون الأرض للحائز، ولاسيما إذا استمرت مدة الحيازة أكثر من ستين سنة، أمّا مايخصُّ صحة الدعوى بالوقفية من عدمها، فالنّظر فيها إلى القضاء؛ لأنه المخوَّل بالنظر في الأوراق، وخلفيات الخصومة، فإن صحت الدعوى بالبينة العادلة، فإنّ الحبس لا يسقط الحيازة، قال الدردير رحمه الله: )وفي المدونة الحيازة كالبينة القاطعة، لا يحتاج معها ليمين، أي من الحائز، وهذا في محض حق الآدمي، وأمّا الوقف بأنواعه، فتسمع فيه البينة، ولو تقادم الزمن) [الشرح الصغير: 4/235]، وقال الحطاب رحمه الله: (لا تَسقط الحيازة ولو طالت الدعوى في الحبس، بذلك أفتى ابن رشد في نوازله) [مواهب الجليل:2/225]. والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
2/ربيع الأول/1434هـ
2013/1/14