طلب فتوى
الأسرةالفتاوىالنكاح

حكم تحديد النسل

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5620)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ما حكم تحديد النسل؟ وهل يختلف الحكم بين كون ذلك رغبة من الأفراد، أم فرضا من الدولة على المجتمع لسياسة تراها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ مِن مقاصد الشريعة الإسلامية تكثير النسلِ، وبقاء النوع الإنساني، وجاء في الحث على كثرة الإنجاب قوله صلى الله عليه وسلم: (تَزَوّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ، فَإِنّي مُكَاثِرٌ بِكُم الأُمَمَ) [أبوداود:2050]، وتحديد النسل يعني توقف الزوجين عن الإنجاب، وقد يكون دائما باستخدام أحد وسائل المنع النهائي للحمل؛ كالخصاء للرجل قديمًا، أو فعل المرأة ما يمنع حصول الحمل؛ كاستئصال الرحم ونحوه، وهذا ما يعرف بالتعقيم، وقد يكون مؤقتًا، فتستخدم الزوجة مانعًا للحمل إلى فترة مؤقتة، فإذا رغبت في الحمل توقفت عن استخدامِ هذا المانع، ويسمى بتنظيم النسل.

والأصلُ الذي تقرره أدلة الكتاب والسنة، هو حرمة اتخاذ وسائل منع الحمل الدائم، التي تؤدي إلى العقم، وقطع النسلِ، إلَّا لضرورةٍ شرعيةٍ، فقد ثبتَ في الصّحيحين أن النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الاختصاءِ [البخاري:5075]، وقال الفاكهاني رحمه الله: “وَأَمّا لَوْ اسْتَعْملتْ دَوَاءً لِقَطْعِهِ أَصْلًا فَلَا يَجُوزُ لَهَا، حَيْثُ كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَطْعُ النَّسْلِ، كَمَا لاَ يَجُوزُ للِرّجُلِ اسْتِعْمَالُ مَا يَقْطَعُ نَسْلَهُ، أَوْ يُقَلّلُه” [الفواكه الدواني: 1/117]، ومن الحِكَم في تحريمِ الإخصاءِ أنه يقطعُ الإنجابَ مِن الرجل، ويقاسُ عليه كلُّ ما يؤدّي إلى منعِ الإنجابِ بالكلية من المرأة؛ لأنَّ النساء شقائقُ الرجال، كما جاء في الحديث [أبوداود:236]، وهذا الحكمُ شاملٌ لأنْ يكونَ قطعُ النسلِ بتراضِي الزوجينِ، أو قانونًا عامًّا من الدولة بتحديدِ عددِ الأبناءِ.

جاءَ في قرارِ مجمعِ الفقه الإسلامي [رقم/39] (5/1) ما نصّه:

“أولًا : لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب.

ثانيًا: يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدع إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية.

ثالثًا: يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة محددة من الزمان، إذا دعتْ إليه حاجة معتبرة شرعًا، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراض، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حمل قائم”، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

04//ذو القعدة//14445هـ

12//05//2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق