طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

حكم تصرف الجمعيات الخيرية في الفائض من التبرعات دون علم أصحابها

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5535)

 

ورد إلى دار الإفتاء اللّيبيّة السّؤال التّالي:

نحن مركزٌ دعويٌّ يحتوي على لجنةٍ للأعمال التّطوّعيّة، وهذا المركز ولجنته التّطوعيّة تقوم بعدد من النّشاطات نيابة عن أصحابها، مثل حفر الآبار وإخراج كفّارة اليمين وغيرها من النّشاطات، والسؤال: العادةُ أن يؤخذَ لمثل هذه النشاطات مبلغٌ أكثرُ من قدرها المعتاد؛ تحسبًا لارتفاع الأسعار والتكلفة، فهل يجوز استعمال ما بقي من هذا المبلغ في نشاط آخر للمركز؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فالذي ينبغي للجمعية إذا أتاها متبرع بمال لغرض معين محدّدٍ؛ كحفر بئر أو إطعام مسكين بعينه، فعليها أنْ تأخذ منه الموافقة ابتداء أنه لو زاد المال عن الغرض الذي أراده فإن للجمعية أن تتصرف فيه في وجوه البر الأخرى.

وبذلك لو دفع أحد مالا محدَّدا غرضُه في حفر بئر مثلا كأن يدفع عشرة آلاف لحفر بئر معين، أو يدفع مائة دينار عن كفارة يمين لزمته، فحفرت الجمعية البئر بخمسة آلاف، وبقي لديها الخمسة الأخرى، أو أنفقت في الكفارة التي لزمته خمسين دينارا، وبقي لديها الخمسون الأخرى، فإنه يجوز للجمعية في هذه الحالة عند أخذ الموافقة أن تتصرف بما بقي لديها من الفائض على حفر البئر وكفارة اليمين في وجوه البرّ وما ينفع المسلمين.

أما إذا لم تأخذ الجمعية الموافقة من المتبرع لشيء معيّن على التصرف فيما زاد فما زادَ يردُّ إلى المتبرع، أو يستشارُ في شأنه؛ ولا يحق لها أن تتصرف فيه دون إذنه؛ لأنّ الجمعية بمنزلة الوكيل، والوكيل ليس له التصرفُ، إلا في حدودِ ما وكلَ فيه، أو ما هو في معناه، ولذا إن كان مصرف المال غير محدد بل كان عاما  كأن يقول هذا المال هو سبيلٌ في حفر الآبار أو إطعام المساكين ونحو ذلك، واستغنى الناس عن حفر الآبار وإطعام المساكين، فإنه يجوز للجمعية أن تصرف الفائض فيما تراه من وجوه البرّ الأخرى ومصالح المسلمين؛ لأن القصدَ هو البرّ وصنع المعروف، ولأنه إنفاق لوجه اللهِ، وما كان لله يصرفُ بعضه في بعض، ولأنه لو استشيرَ المتبرعُ فيه لما منعه؛ ولأن أهل العلم قالوا فيمن أخرج كسرة لسائل ولم يجده وكان السائل غير معين، فإنها تصرف لغيره، وإن كان السائل معينا معروفا، فإن الأمر فيها يرجع إلى صاحبها وله أن يتصرف فيها كما يريد، يأخذها ويستردها، أو يصرفها إلى جهة أخرى. [ينظر الفَوَاكِهُ الدَّوَانِيْ: 157/2]، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن بن سالم الشّريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

19//شعبان//1445هـ

29//02//2024م

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق