طلب فتوى
البيعالتبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالوقف

حكم تصرف الورثة في الوقف بالبيع والقسمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5533)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

يملك والدنا مساحة من الأرض، بُنيتْ عليها منازل عديدة، منها صالتان للمناسبات، شيَّدناهما [أي: أبناؤه الذكور] بأمر منه في حياته بأيدينا، وبمال مشترك بيننا وبينه، وبمساعدة بعض الجيران، ثم أوقفهما لوجه الله على جميع أفراد الأسرة وعلى أهل المنطقة؛ لإقامة المناسبات الدينية والاجتماعية فيها، ولتحفيظ القرآن الكريم، وغير ذلك من أوجه البر والإحسان، وكل ذلك موثقٌ في الوثيقة المرفقة، ثم عمل بالوقف بعد أن خرجت الصالتان عن يد الوالد واستعملتا في ما أوقفتا عليه من تحفيظ للقرآن، حيث ختم فيها عدد من الطلبة والطالبات كتاب الله حفظًا، لكن بعض الورثة طلبَ بعد وفاةِ الوالدِ أن تُضَمَّ الصالتان المذكورتان للتركة وأن تقسم على الورثة حسب الفريضة، فما حكم ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا يجوز اقتسام الورثة للوقف، ولا بيعه، ولا التَصرّف فيه بأي نوع من أنواع التصرفات التي تُذهب عينه، أو تُغيِّرُه عما جعله الواقف؛ لما في ذلك من التعدّي على الحبُس والتّبديل لغرض المحبِّس، قال تعالى: ﴿فَمَنم بَدَّلَهُو بَعْدَ مَا سَمِعَهُو فَإِنَّمَا إِثْمُهُو عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ [البقرة: 181]، وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه، في أرض أراد أن يُحبِّسها: ( … لاَ يُبَاعُ، وَلاَ يُوهَبُ، وَلاَ يُورَثُ) [البخاري: 2764].

والواجبُ اتباعُ شرطِ الواقفِ في الصالتين المحبستين، فلا تجوزُ مخالفته؛ لأنّ شرطَ الواقف كنصِّ الشارع، إلّا إذا خالفَ الشرع، قال ابن الحاجب رحمه الله: “وَمَهْمَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مَا يَجُوزُ لَهُ اتُّبِعَ كَتَخْصِيصِ ‌مَدْرَسَةٍ ‌أَوْ ‌رِبَاطٍ أَوْ أَصْحَابِ مَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ” [جامع الأمهات: 450].

عليه؛ فيحرم على الورثة التعدي على الوقف بقسمته بينهم؛ فإنّ اللهَ استرعاهُم على صدقاتِ المسلمين، فإنْ حفظُوها وحافظُوا عليها كانَ في مرضاةِ الله، وإنْ ضيّعوها فإنّ الله تعالَى سائلُهُم عمّا استرعاهُم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألَا فَكُلّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) [البخاري: 2416]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

19//شعبان//1445هـ

29//02//2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق