حكم تلفظ الزوج الغاضب بألفاظ الطلاق دون دراية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5440)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
حدث نقاش بيني وبين زوجتي بخصوص ميراثي مع إخوتي، واحتد النقاش بيننا، لدرجة أني تلفظت بعبارات لا أدركها، ثم أخبرني ابني وابنتي بأني تلفظت بالطلاق، فما حكم ذلك؟ علما أني مطلق قبل هذا طلقتين.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن العقلَ هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذة بالأقوالِ والأفعالِ، فإذا كان المطلِّقُ يعِي ما يقولُ، فالطلاقُ واقعٌ، وأما إن كانَ المطلقُ شديدَ الغضبِ وقتَ الطلاقِ، إلى حد لا يعي فيه ما يقولُ، ولا يشعرُ بما صدرَ منه؛ فالطلاقُ لا يقعُ؛ لأنه صارَ في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، قال الصّاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك: 2/351].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، من أن السائل لم يشعر أنه طلق إلا بعد أن أخبره أبناؤه؛ فلا يلزمه الطلاق، وليعلم الزوج أن وقوع الطلاق عليه من عدمه متوقفٌ على صدق ما أخبر به، من عدم إدراكه لما وقع منه من التلفظ بالطلاق، أما إن كان مدركًا لما وقع منه من الطلاق؛ فإن هذه الفتوى لا تفيده؛ لأنها بُنيت على إخباره بعدم إدراكه، فإذا كان الواقع غير ذلك وكان مدركا، فالطلاق لازمٌ، والفتوى لا تصلح له، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18/جمادى الآخرة//1445هـ
31//12//2023م