طلب فتوى
التبرعاتالحج والهدي والأضاحيالعباداتالفتاوىالمعاملاتالهبة

حكم تنازل الابن لأحد والديه عن نصيبه في قرعة الحج

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

رقم الفتوى (5570)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

بصفة عملنا في مكتب الحج، يأتينا بعضُ المواطنين يخبرنا أنَّ اسمَ ابنه – مثلاً – خرج في قُرْعَة الحج، وأنه يريد التنازلَ عن هذا الحقّ له (للأب)، مع العلم أنَّ هذا الابنَ مكلٌّفٌ ومستطيعٌ، ويعلم أنه لو تنازل عن نصيبه في القرعة قد لا يتمكن من الحصول عليه مرةً أخرى، فهل يجوز لمن خرج اسمُه في قرعة الحج أن يُؤثِرَ بها والدَه أو قريبًا من أقربائه؛ مراعاةً لِتَقَدُّم سِنّه وعدم تمكنه من أداء هذه الفريضة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالقول المعتمد في المذهب أنَّ الحجَّ يجب على الفَور، واستدلّوا عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (‌مَنْ ‌أَرَادَ ‌الْحَجَّ ‌فَلْيَتَعَجَّلْ) [أبوداود: 1732، وصححه الحاكم: 1/617]؛ وعلى هذا القول فمَن وَجَبَ عليه الحجُّ، وأمكنه فعلُه وأخَّرَه من غير عذرٍ، أَثِمَ بتأخيره، قال القاضي عبد الوهاب رحمه الله: “الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ، لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ، الْمُتَمَكِّنِ مِنْ فِعْلِهِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ” [الإشراف: 1/459].

وهناك قولٌ ثانٍ، بأنَّ الحج يجب على التراخي؛ فلا يأثم المستطيعُ على التأخير سنة أو أكثر، إلَّا أن يُخافَ الفواتُ؛ فيأثم حينئذٍ.

وصعوبة الخروج في قرعة أخرى لمن خرج اسمه وتنازل عن حقّه، يُدْخِلُ صاحبَه في خوفِ الفَوات، الموجِب للإثم، حتى على القول بأنَّ الحجَّ واجبٌ على التراخي، قال النفراوي شارحًا قول ابن أبي زيد: “(وَحَجُّ)… (بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَام الَّذِي بِبَكَّةِ)… (فَرِيضَةٌ) عَلَى الْفَوْرِ عَلَى تَشْهِيرِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَعَلَى التَّرَاخِي عَلَى تَشْهِيرِ الْمَغَارِبَةِ، إلَّا أَنْ يُخَافَ الْفَوَاتُ فَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ” [الفواكه الدواني: 1/350].

وعليه فلا يجوز لمن خرج اسمه في القرعة، وهو قادر على أداء الفريضة، أن يتنازل عنه إلى غيره ولو كان أباه؛ لأنه إذا أتيح له الحج ولم يحج، فسيسأل عن تفريطه في ركن من أركان الإسلام، وإذا لم يحج أبوه فلن يسأل الابن عن حج أبيه، وقد اشترطت الدولة لتنظيم الحج شروطًا، من بينها: أنه لن يتمَّ قبولُ أيِّ تنازلٍ أو استبدالٍ إلَّا في الحالات القاهرة التالية: إذا حصل للمرأة موجب عدة من وفاة، أو طلاق، أو حصل لصاحب القرعة عجز صحي، أو مادي.

واشتراط هذه الشروط للتنازل يتّفق مع الحكم الشرعي المتقدّم، فيجب التقيد بها، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

14// رمضان//1445 هـ

25//03//2024م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق