طلب فتوى
الأسئلة الشائعةالفتاوىالقرضالمعاملات

حكم رد القرض بعملة مختلفة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5882)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

كنت في العمرة، فاحتجت لمبلغ من المال مقداره مائة دولار، وكان مع رفيقي بطاقة مشحونة بالدولار، فاتفقت معه على أن يسلفني مائة دولار بالبطاقة، فوضع البطاقة في آلة الصرافة، وأخرجت لي صرف المائة دولار بالريالات، فاستلمت منه تلك الريالات، والسؤال الآن: هل يجب عليّ رد الريالات التي استلمتها، أم المائة دولار التي اتفقنا عليها وقت السلف؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالواجب في ردّ الدين أن يكون بالعملة التي استلمها المقترض، دون زيادة أو نقصان لا بعملة أخرى، فإذا استلم ريالات كان الواجب عليه أن يرد الريالات التي استلمها، ولو كان أصل الاتفاق بالدولار، جاء في المدونة عن يحيى بن سعيد رحمه الله: “سألت عن رَجُلٍ أَسْلَفَهُ أَخٌ لَهُ نِصْفَ دِينَارٍ فَانْطَلَقَا جَمِيعًا إلَى الصَّرافِ بِدِينَارٍ فَدَفَعَهُ ‌إلَى ‌الصَّرَّافِ فَأَخَذَ مِنْهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَدَفَعَ خَمْسَةً إلَى الَّذِي اسْتَسْلَفَهُ نِصْفَ دِينَارٍ… قَالَ: فَلَيْسَ لِلَّذِي دَفَعَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ زِيَادَةٌ عَلَيْهَا وَلَا نُقْصَانٌ مِنْهَا… وقال لي مَالِكٌ: يَرُدُّ إلَيْهِ مِثْلَ ما أَخَذَ مِنْهُ… وَلَيْسَ الَّذِي أَعْطَاهُ ذَهَبًا إنَّمَا أَعْطَاهُ وَرِقًا… وَلَكِنْ لَوْ أَعْطَاهُ دِينَارًا فَصَرَفَهُ الْمُسْتَسْلِفُ فَأَخَذَ نِصْفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ نِصْفَهُ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ إنْ غَلَا الصَّرْفُ أَوْ رَخُصَ” [المدونة: 3/51].

ويجوز للمقترض في هذه الحالة عند سداد الدين دفعُ عملة أخرى غير التي استلمها، كالدينار الليبي مثلا، بشرطين:

أولهما: ألا يكون الردّ بالعملة المخالفة مشترطا ابتداء عند المداينة، أو متعارفا عليه بين الناس.

وثانيهما: أنهما إذا تراضيا – وقت السداد – على قضائه بعملة أخرى، فعلى المقترض أن يعجل السداد بالعملة الأخرى في مجلس العقد وقت الاتفاق، دون تأخير، ويجوز أن يكون بأي سعر يتفقان عليه في ذلك الوقت؛ لأن المعاملة تحولت بالتسديد بالعملة المغايرة إلى مصارفة، والصرف يُشترط فيه التعجيل.

والمشاهَدُ من حال النّاس اليوم؛ أنّهم إذا تداينوا بعملة أجنبية غير رائجة في بلادنا -كالريال السعودي أو الدينار التونسي أو غيره- وأرادوا قضاء الدّين في ليبيا، فإنهم يقصدون عند المداينة -حسبما تعارفوا عليه- ردّ القرض بالدينار الليبي؛ لأن العملة عندما لا تكون من العملات الأجنبية المتداولة عالميًّا، لا يمكن الاستفادة منها غالبا داخل ليبيا. ودخول المقرض والمقترض على هذا الأمر المتعارف عليه عند المداينة، يجعل المعاملة ممنوعة، ولو لم يكن الرد بالعملة الليبية مشروطًا؛ لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطًا، قال القصري r في حكم ردّ القرض بشيء مخالف لما أُخذ: “يَجُوزُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَأْخِيرٌ وَلَا نَظَرٌ… وَلَمْ يُضْمِرَا ذَلِكَ عِنْدَ مُعَاقَدَةِ السَّلَفِ وَلَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَأْيٍ وَلَا غَرَضٌ” [نوازل القصري: 3/209]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

22/جمادى الآخرة/1446هـ

25/ديسمبر/2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق