حكم سحب العملة المحلية والأجنبية من محلات الصرافة عن طريق البطاقة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5579)
السيّد المحترم/ عميد بلدية أبو سليم.
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحيّة طيّبة، وبعد:
فبالنـظر إلى مراسلتكم المتضمنة السُّؤال عن ظاهرة شراء السيولة من خلال الخصم المباشر من محلات الصرافة ومحلات الذهب، حيث تخصم قيمة معلومة من حساب المواطن، مع عمولة، مقابل استلامه لما خصم من حسابه نقدًا، دون شراء سلعة أو عملة أجنبية، وذلك لنقص السيولة في المصارف التجارية في الوقت الحالي.
فالجواب كالتالي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ هذه المعاملة عبر هذه الأجهزة، تشوبها عدة محذوراتٍ شرعيةٍ، وهي:
- ربا فضل؛ إن كان ما سيقبضه الزبون دنانير عن دنانير حولها من حسابه إلى حساب التاجر؛ لأن فيها استبدال نقد بنقد من جنسه بزيادة.
- أن هذه الأجهزة هي في حقيقتها نقاطُ بيع [point of sale]، وسحبُ العملات النقدية عن طريقها مخالفٌ للعقدِ المبرمِ بين ممارسي النشاطاتِ التجارية وبين المصرف، والعقدُ شريعة المتعاقدين، ما لم يخالفِ الشرع؛ لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) [المائدة: 1]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) [أبو داود: 3594]، قال القَاسِمُ بنُ مُحمدٍ رحمه الله: “مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلاَّ وَهُمْ عَلَى شُرُوطِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَفِيمَا أعْطوا” [الموطأ: 1447].
- تمرير البطاقةِ على هذه الآلة إيهامٌ بأنّ ثمتَ عملية شراءٍ قد حصلتْ، وهذا احتيالٌ وغشّ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن غشَّنا فليسَ منَّا، والمَكرُ والخداعُ في النَّارِ) [ابن حبان: 5559]، وفي الحديث: (أَهلُ النّارِ خَمسَة، وذكر منهم: وَرَجُلٌ لاَ يُصْبِحُ وَلاَ يُمْسِى إِلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ) [مسلم: 2865].
عليه؛ فإن هذه المعاملة محرمةٌ شرعًا؛ لما اشتملتْ عليه من المفاسد الكثيرة؛ منها الغشُ، والتعاونُ على الإثمِ والعدوان، ومحاربة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بأكلِ الربا الصريح، وعلى مَن تورطَ في شيء منها التوبةُ إلى اللهِ، والرجوعُ عما بدرَ منه.
ودار الإفتاء الليبية إذ تقدّر لبلدية (أبو سليم) جهودها واهتمامها بهذا الأمر، الذي هو غاية في الأهمية، باتباع أوامر الشرع في معاملات الناس، لَتهيب بغيرها من البلديات الأخرى أن تحذوَ حذوها، حتى يرفع الله البلاء عن البلد، فإنه لا ينزل عذاب إلا بمعصية، ولا يُرفع إلا بتوبة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21//رمضان//1445هـ
01//04//2024م