بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5266)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي والدي رحمه الله وله زوجة، فاشتريت نصيبها من الميراث، ومؤخر صداقها، وهو عبارة عن أوقيات ذهب، بمبلغ قيمته 61500 د.ل، فلما علم باقي الورثة اعترضوا على ما صنعتُ، فما حكم الشرع في هذا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج كسائر الديون؛ ولذلك فإنه يشترط في بيعه ما يشترط في بيع الدّين، ومن ذلك ألا يكون المدين ميتًا؛ قال الدردير رحمه الله: “(وَشَرْطُ) صِحَّةِ (بَيْعِ الدَّيْنِ: حُضُورُ الْمَدِينِ) وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ حَيَاتَهُ… (لَا دَيْنَ مَيِّتٍ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ” [شرح أقرب المسالك: 3/99]، ومن شروط بيع الدين أيضًا أنه إن كان الدين عينًا – أي: ذهبا أو فضة أو عملة – ألّا يباعَ بعين؛ لعدم المماثلة أو للصرف المؤخّر إن لم يقع تقابض في المجلس، قال الدسوقي رحمه الله: “حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ إلَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا وَكَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا… وَلَيْسَ عَيْنًا بِعَيْنٍ” [حاشية الدسوقي: 3/63].
بذلك يُعلم أن شراء الابنة مؤخر صداقِ زوجة أبيها فاسدٌ؛ لما اشتمل عليه من الصرف المؤخر بسبب عدم التقابض، وشراء دين الميت وهو ممنوع، وميراث الزوجة قد يكون فيه ما هو من النقد، فتنطبق عليه علة المنع في بيع الصداق.
وعليه؛ فالعقد المذكور في السؤال باطلٌ، يجبُ فسخه، وإرجاعُ المال للمشتري، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عصام بن علي الخمري
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
27//المحرم//1445هـ
14//08//2023م