طلب فتوى
الفتاوىالمسابقةالمعاملات

حكم شروط مسابقة فارس الشعراء

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (670)

 

السادة المحترمون/ شركة الاتصالات وتقنية المعلومات.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

           تحية طيبة وبعد…

فبالإشارة إلى سؤالكم، والمتضمن رغبة شركتكم تفعيل منظومة للتفاعل مع الجمهور عبر شركتي ليبيانا والمدار، ضمن برنامج تلفزيوني ثقافي اسمه فارس الشعراء، وهو عبارة عن مسابقة في الشعر الشعبي، يتم فيها اختيار 30 متسابقًا عن طريق لجنة من الخبراء، وسيتم اختيار الفائزين عن طريق تصويت الجمهور باستخدام النقال، حيث يرسل المصوت رسالة قصيرة، تحتوي على اسم المتسابق ورقمه، وقيمة الرسالة أعلى من سعرها الطبيعي، ولا توجد أي جوائز للمصوتين، ومن يحصل على أكبر عدد من الأصوات فهو الفائز، وستعود أرباح الرسائل القصيرة موزعة على شركتي ليبيانا والمدار، وقناة التلفزيون، ومنتج البرنامج، ومزود خدمة الرسائل القصيرة؟.

الجواب:

           الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

           فإن للمسابقات شروطا وضوابط لابد من توافرها وهي:

1-      أن تكون أهداف المسابقة ووسائلها ومجالاتها مشروعة.

2-      أن لا يكون العوض ( الجائزة ) فيها من جميع المتسابقين.

3-      أن تحقّق المسابقة مقصداً من المقاصد المعتبرة شرعاً.

4-      أن لا يترتب عليها تركُ واجبٍ أو فعل محرّم.

5-      أن لا يدخل المبلغ أو جزء منه في قيمة الجوائز؛ منعًا لأكل أموال الناس بالباطل.

6-      أن لا يدفع المتسابق مالاً مقابل الاشتراك زائدا على التكلفة المعتادة للرسالة أو الاتصال.

والمسابقة المذكورة ظاهرها الجواز، إلا أننا نحذر القائمين على البرنامج من محاذير تحدث في أمثال هذه المسابقات بين الشعراء في الغالب، وهي:

1-    التفاخر بالأنساب والتشجيع على المحرمات: فإن المسابقات التي تقام بين الشعراء، يشترط لجوازها أن يكون موضوع الشعر مباحاً، بالحث على مكارم الأخلاق، والتمسك بهذا الدين الحق، وبذل الجهد في نصرته، وبيان محاسنه، وبطلان الأديان الأخرى، فإذا كان الموضوع محرماً أو مكروهاً ، كالعشق ووصف أحوال العاشقين، ووصف الخمر، والتغزل الفاضح بالنساء، أو إثارة العصبية القبيلة، أو الوطنية، أو هجاء من لا يستحق الهجاء، أو مدح من لا يستحق المدح ونحو ذلك، لم يجز.

2- سماع الأغاني والمعازف، وتقديم البرنامج وفقراته بواسطة امرأة متبرجة، والحضور النسائي المتبرج ، وتكون كاميرات المصورين عليهن باستمرار، خاصة عند ذكر بعض الأبيات الغزلية بالإضافة إلى الفواصل الموسيقية المتكررة، وقيام التعظيم عند دخول بعض الشعراء .

3- التعصب للقبيلة أو البلد، وقد روى البخاري (4905) ومسلم (2584) عن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ).

فإذا كان التعصب لاسم “المهاجرين” و”الأنصار” مع شرفهما: محرماً، ودعوى الجاهلية، فالتعصب لمجرد القبيلة أو البلد، أشد تحريماً.

4- إرسال الرسائل ذات التكلفة العالية، لترشيح شاعر من الشعراء للفوز بجائزته، داخل في الإسراف والتبذير المنهي عنهما، وقد قال تعالى: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) [الإسراء/26، 27]، وقال تعالى: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأنعام/141]، وروى البخاري (5975) ومسلم (593) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ)، وروى الترمذي (2416) عَن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ).

5- تضمنها شهادة الزور؛ لأن الواجب على من يشارك في هذه المسابقات أن يشهد بالعدل بأن فلاناً هو الأحسن، أما ترشيحه لفلان للجائزة من أجل بلده، أو مدينته، أو قبيلته، أو غير ذلك من الاعتبارات، فهو داخل في شهادة الزور، فكل من يصوت حينئذ فهو يشهد شهادة زور؛ لأنه يصوت وهو يعلم أن شاعره ليس بالأفضل.

6 ـ أن المسابقة هدفها الأساسي الربحية وأكل أموال الناس بالباطل، فلو أنفقت هذه الأموال الطائلة للفقراء والمحتاجين كان أفضل.

            فإذا خلت المسابقة المذكورة من هذه المحاذير فلا حرج فيها شرعًا.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

                                                                 غيث بن محمود الفاخري

                                                                   نائب مفتي عام ليبيا

20/المحرم/1434هـ

2012/12/4

 

 

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق