حكم صرف الزكاة للغارمين
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3706)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
سائق سيارة مريض بمرض الارتعاش، صدم سبعًا من النسوة، أجريت لبعضهن عمليات جراحية، باهظة الثمن ومكلفة جدًّا، ولا يستطيع السائق تغطية ثمن العمليات كلها، فهل يُعطى من مال الزكاة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالزكاة لها مصارفُ معلومةٌ، قد بيّنها الله عز وجل في قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾[التوبة:60]، والغارم هو الّذي ركبه الدّين ولا يقدر على الوفاء به، ففي الصحيح: (أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغُرَمَائِهِ: خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ)[مسلم: 1556].
والمشهور من كلام الفقهاء؛ أن أجرةَ الطبيب وثمنَ الدواء على الجاني، قال الخرشي رحمه الله: “وَمِثْلُ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ قِيمَةُ الدَّوَاءِ، وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا – أي القولين – الْقَوْلُ بِأَنَّ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ عَلَى الْجَانِي، بِدَلِيلِ أَنَّ رَفْوَ الثَّوْبِ عَلَيْهِ” [شرح خليل:6/150].
عليه؛ فيعتبر السائق من الغارمين، يجوز إعطاؤه من مال الزكاة ما يفي بغرمه، بشرط أن لا يكون له من المال أو العقار – الزائد على ضروراته – ما يمكنه أن يخلصَ به ما غرمَه لو باعه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
09/ربيع الآخر/1440هـ
16/12/2018م