طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالوقف

حكم صرف المكافأة المقطوعة في تشكيل اللجان

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3337)

 

الأستاذ/ رئيس الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال التالي:

من خلال اطلاعنا على القوانين واللوائح، المنظمة لعمل الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية، عرضتنا مسألة تضمنتها جملة من القرارات الصادرة، بشأن تنظيم إدارة أملاك الوقف، وتحديد نظام صرف ريعها، وهي الكيفية التي يتم بها صرف مكافآت لجان تخصيص قيمة الإيجار وتقديرها لعقارات وأملاك الوقف، بمكاتب الهيئة بالمناطق، وقد خالجنا بعض الشك لهذا الموضوع، في كونها موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية، وقد اختلفت القرارات؛ هل يعطَون مكافأة مقطوعة من غير إيرادات الوقف، أم نسبة محددة من الإيجارات أو الإيرادات؟ وكيفية صرفها والتحكم فيها، فنرجو منكم النظر في هذه القرارات المرفقة، وإبداء الرأي الشرعي تجاهها.

والجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن أعضاء اللجان المكلفة بتخصيص إيجارات العقارات الموقوفة، وتقديرها، وجبايتها، إن كانوا موظفين لدى هيئة الأوقاف، يتقاضون مرتباتهم منها، فلا يجوز إعطاؤهم شيئا غير مرتباتهم، إذا قاموا بالعمل المطلوب منهم – في لجان أو في غيرها – أثناء ساعات الدوام الرسمي، فإذا دعت الضرورة إلى تكليفهم بعمل خارج ساعات الدوام لظروفٍ طارئة، فيجوز تكليفهم بذلك، إذا رأى رئيس المصلحة فائدةً مرجوة للوقف، ويكون التكليف محددًا بقدر الحاجة، ولا يكون بصفة ثابتة دائمة، ويُطبّق بخصوص الصرف لمن كُلّف بذلك، قانونُ ساعات العمل الإضافي خارج الدوام، أو بإعطاءِ مبلغٍ مقطوع، يتناسب مع مدة العمل، ويكون من غير إيرادات الوقف.

ومما ابتلي به القطاع العام، التوسع فيما يسمونه تشكيل لجان، للقيام بعملٍ ما أثناء الدوام؛ لفتح أبوابٍ للحصول على مكافآت فوق المرتب الأصلي، تبلغ أحيانا أضعافًا مضاعفةً على مرتبه الأصلي.

وهذا من التلاعب والتحايل على نهب المال العام، الذي جعله عمر رضي الله عنه كمال اليتيم، في شدة التحريم، ولكن الناس تساهلوا فيه، إلا من رحم ربك، مستغلينَ الثغراتِ الموجودة في قانون العمل.

فالموظف في الغالب له من العمل الأساسي ما يغطي ساعات الدوام المطلوبة منه، وتسند إليه أعمال أخرى في لجان؛ ليأخذ عليها مكافآت، وهو لم يوف الساعات التي يتقاضى عليها مرتبه، ومعلوم أن المرتب هو أجرة مقابل القيام بعمل محدد، بوقت لا يستحقه صاحبه إلا بالوفاء بساعات العمل كاملة تمامًا، كما لو أن أحدًا أجر عاملا يعمل له في بيته، لمدة ثمان ساعات، فإنه لا يعطيه أجرته إلا إذا وفى بها كاملة، فإذا اشتغل بعمل آخر نصف النهار مثلًا، خصم منه نصف الأجرة، فوقت الدوام كله ملكٌ للمرتب، لا حقّ لأجرة أخرى فيه، لا باسم لجنة ولا غيرها.

وإذا كانت ساعات العمل الفعلي للموظف تستغرق كل ساعاتِ الدوام، واحتيج إليه في عمل آخر في لجنة أو غيرها، فإنه يكلف به خارج الدوام، ويحسب له عمل إضافي، حسب ساعات الإضافي، فهذا هو العدل في العلاقة بين الموظف وعمله، لمن يريد الحلال، ولا يتخوض في مال الله بغير حق، قال صلى الله عليه وسلم: (إنّ رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق؛ فلهم النار يوم القيامة) [البخاري:3746]، وما ذُكر فيما يتعلق باللجان، هو الإجراء المعمول به في دار الإفتاء، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

                                                                      

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06/ذو القعدة/1438هـ

30/يوليو/2017م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق