بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5395)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
هل على تارك الصلاة جماعة أحيانًا إثمٌ، إن كان يجدُ مشقةً في الوصول إلى المسجد لبعده عنه، ولا يملك وسيلة توصله، أو لحر أو برد؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فصلاة الجماعة سنة مؤكدة على مشهور المذهب، وليست واجبةً، فلا إثم على تاركها، لكن لا ينبغي تركها لغير عذر، قال القرافي رحمه الله: ” … الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، لَا تَجِبُ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وُجُوبُهَا عَلَى الْكِفَايَةِ، وَلَا تُتْرَكُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا لِعُذْرٍ عَامٍّ كَالْمَطَرِ وَالرِّيحِ الْعَاصِفِ بِاللَّيْلِ، أَوِ الْخَاصِّ كَالتَّمْرِيضِ وَخَوْفِ السُّلْطَانِ أَوِ الْغَرِيمِ مَعَ الْإِعْسَارِ أَوِ الْقِصَاصِ مَعَ رَجَاءِ الْعَفْوِ” [الذخيرة: 2/265].
والمداومة على تركها فعل مذموم؛ لأنها سنة مؤكدة، قال القرطبي رحمه الله: “وَمَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ مِنَ السُّنَنِ، كَانَ ذَلِكَ نَقْصًا فِي دِينِهِ، وَقَدْحًا فِي عَدَالَتِهِ، فَإِنْ كَانَ تَركهُ تَهَاوُنًا بِهِ وَرَغْبَةً عَنْهَا، كَانَ ذَلِكَ فِسْقًا يَسْتَحِقُّ بِهِ ذَمًّا. وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَوْ أَنَّ أَهْلَ بَلْدَةٍ تَوَاطَأُوا [اتفقوا] عَلَى تَرْكِ سُنَّةٍ، لَقُوتِلُوا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْجِعُوا، وَلَقَدْ كَانَ صَدْرُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يُثَابِرُونَ عَلَى فِعْلِ السُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ مُثَابَرَتَهُمْ عَلَى الْفَرَائِضِ، وَلَمْ يَكُونُوا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا فِي اغْتِنَامِ ثَوَابِهِمَا؛ وَإِنَّمَا احْتَاجَ أَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ إِلَى ذِكْرِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ وَتَرْكِهَا، وَخَوْفِ الْعِقَابِ عَلى التَّرْكِ، وَنَفْيِهِ إِنْ حَصَلَ تَرْكٌ مَا بِوَجْهٍ مَا” [المفهم: 1/166].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
07//جمادى الأولى//1445هـ
21//11//2023م