بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4104)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
قام مجموعة من الناس بإنشاء صندوق (ع)، بهدف إعانة المقاتلين في المحاور والعائلات النازحة والمهجّرين، وذلك من خلال جمع التبرعات في أماكن تجمع الناس، كالمساجد وميدان الشهداء أيام الجمعة، فهل هناك حرجٌ في ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن كانَ المقصودُ مِن وضع هذه الصناديقِ منفعة المقاتلين الحقيقيين الذين يحتاجون الإعانة، أو منفعة المحتاجينَ؛ فإنه مِن التعاون على البرِّ والتقوى، والله تعالى يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2]، وقد خطب النبيّ صلى الله عليه وسلم العيد ووقفَ على النساءِ، فأمرهنَّ بالإنفاقِ، ووعظهنَّ، وذكّرهنّ أنّ أكثرَ أهلِ النارِ مِن النّساءِ، فتصدّقْنَ؛ فبسطَ بلالٌ ثوبَه، فجعلَ النّساءُ يرمينَ حليّهنَّ في ثوبِ بلالٍ [البخاري: 98، مسلم: 885]، فثوب بلالٍ هنا بمثابةِ الصّندوقِ، ولمّا جاءَ الأعرابُ مِن مضر، تمعَّر وجهُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لِمَا رأى بهم من الفاقة والفقر، ثم خطبَ صلى الله عليه وسلم ، وحثّ الناسَ على الإنفاق، فجاءَ رجلٌ مِن الأنصارِ بصُرّةٍ كادت كفّه تعجزُ عنها، بل قدْ عجزتْ، ثم تتابعَ الناسُ، حتّى رأيتُ كَومَينِ مِن طعامٍ وثيابٍ. [مسلم: 2398]، وكلّ هذا كانَ في المسجدِ، فمن باب الأولى في غيره من المواضع كميدان الشهداء، وهو من الوسائل، والقاعدةُ الشرعية تنصّ على أنَّ للوسائلِ أحكامَ المقاصدِ.
عليه؛ فإنّ كان الحال كما ذكر، فلا حرج شرعًا في جمع التّبرعات في المساجد وغيرها، بواسطة الصناديق المذكورة، والقيام على المجاهدين بجمع التبرعات لهم وتفقّدهم والعناية بشؤونهم يكتب الله للقائمين به أجر المجاهدين ما أخلصوا النّيّة وبذلوا وسعهم في ذلك؛ لأنّ هذا ممّا يضعف العدوّ وينال منه ويقوى به أمر الجهاد، قال الله عز وجل: (وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ) [التّوبة: 120]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
08// جمادى الآخرة// 1441هـ
03// 02// 2020م