بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5065)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
طلقني زوجي مرتين، وأرجعني في العدة، ثم في المرة الثالثة قال لي، وهو في حالة سُكْرٍ غير طافـح: “لو جاء أخوك فأنت طالق”، ثم جاء أخي فعلا، فهل يعد الطلاق واقعًا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالسكران إذا كان معه نوع تمييز، بحيث يدري ما يصدر عنه من تصرفات؛ قولية أو فعلية – وهو ما يسمى بـالسكران المختلط غير الطافح- فطلاقه واقعٌ لازمٌ له، قال ابن رشد رحمه الله: “السَّكْرَانُ الْمُخْتَلِطُ الَّذِي مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ … تَلْزَمُهُ الجِنَايَاتُ والعِتْقُ والطَّلَاقُ وَالحُدُودُ … وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ” [البيان والتحصيل: 257/4-258].
والطلاق المعلَّق على شيء، يقع بمجرد وقوع الشيء المُعَلَّقِ عليه، فعن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بشَيْءٌ” [البخاري:45/7].
وإذا طلّق الزوج الطلقةَ الثالثةَ، فإن زوجته تَبِينُ منه بينونةً كُبرى، لا تحلُّ له بعدها حتى تنكح زوجًا غيره، نكاحَ رغبةٍ، لا نكاحَ تحليل، ثم يطلقَها أو يموت عنها؛ لقول الله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: 229]، وقولِه سبحانه: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 230]، قال ابن عبدالبر رحمه الله: “وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ” [الاستذكار: 158/18].
وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر في السؤال، مِن أنّ الزوج طلق ومعه شيء من الإدراك، فقد استنفد الطلقاتِ الثلاثَ التي جعلها له الشرع الحنيفُ، وبانت الزوجة من زوجها بينونةً كبرى، لا تحل له بعدها حتى تنكح زوجًا غيره، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
حسن بن سالم الشريف
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
09//جمادى الآخرة//1444هـ
02//01//2023م