بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5372)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
(ع) مصاب بفصام عقلي مزمن – كما هو مرفق في التقرير الطبي – ويصدر عنه ما لا يريد قوله، حدثَ نقاش بينه وبين زوجتهِ، فقال لها وأمه حاضرة: أنت طالق بالثلاث، في مجلس واحد، ثم أنكر بعد ذلك الطلاق، وإذا ذكرته أمه تذكر وأقر، فهل تقع هذه الطلقاتُ وتحتسبُ، أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن العقل هو مَناطُ التكليفِ والمؤاخذة بالأقوالِ والأفعال، فإذا كان المتكلم عاقلا مدركًا، يعلم ما صدر منه، فطلاقُه لازمٌ، ولا تأثير للمرض مع وجود العقل، وأما إن كان المرض قد غيَّب عقلَه، وصار كالمجنون، لا يدرك ولا يعلمُ ما يقول، وطلقَ أثناء ذلك، فلا يقع طلاقُه، ولا شيءَ عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ؛ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظِ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ المجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [أَبُودَاود: 4398]، وفي المدونة: “قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيد رحمه الله: مَا نَعْلَمُ عَلَى مَجْنُونٍ طَلَاقًا فِي جُنُونِهِ، وَلاَ مَرِيضٍ مَغْمُورٍ لاَ يَعْقِلُ، إِلاَّ أَنَّ المجْنُونَ إِذَا كَانَ يَصِحُّ مِن ذَلِكَ، وَيُرَدُّ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَإِنَّهُ إِذَا عَقلَ وَصَحَّ جَازَ أَمْرُهُ كُلّهُ، كَمَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ” [المدونة: 2/84].
عليه؛ فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، من أن الزوج تلفظ بالطلاق من غير شعورٍ ولا وعيٍ به، وإنما أخبرته أمه بالطلاق بعد رجوع عقله، فلا يقعُ الطلاق، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
28//ربيع الآخر//1445هـ
12//11//2023م