طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

حكم طلاق من يعاني من مرض نفسي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5500)

 

السيد المحترم/ القاضي بمحكمة س ج الجزئية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة طلبَ فتوى شرعية في الطلاقِ الصادرِ مِن (ع) لزوجته، والذي أقرّ به أمام المحكمة، وادَّعى أنه صدر منه في حالةِ غضب، وأنه يعاني مِن مرضٍ نفسيٍّ، حيث قال لزوجتهِ بعد أن طلبتْ منه الطلاقَ: “أنتِ طالقٌ بالثلاث”.

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإنّ العقل هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوالِ والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعِي ما يقول، ويقصدُ ما تكلَّمَ به، فالطلاق واقعٌ سواءٌ كان مريضًا نفسيًّا أو غيرَ مريض، وأمَّا إن كان المطلِّقُ شديدَ المرض وقتَ الطلاق، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقول، ولا يشعر بما صدر منه؛ فالطلاق لا يقع؛ لأنَّه صار في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ” [النسائي: 3432]، وفي المدونة: “قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ رحمه الله: مَا نَعْلَمُ عَلَى مَجْنُونٍ طَلَاقًا فِي جُنُونِهِ، وَلاَ مَرِيضٍ مَغْمُورٍ لاَ يَعْقِلُ، إِلاَّ أَنَّ الْمَجْنُونَ إِذَا كَانَ يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ، وَيُرَدُّ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَإِنَّهُ إِذَا عَقِلَ وَصَحَّ جَازَ أَمْرُهُ كُلُّهُ، كَمَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ” [2/84].

ولم يُذكَر في التقرير الطبي للزوج أثرُ المرض الذي يعاني منه على تصرّفاته وأقواله.

وعليه؛ فإن كان الزوجُ المريضُ وقتَ إيقاع الطلاق مُدركًا لما يقول، غيرَ فاقدٍ لعقله، فإنَّ الطلاق يَلزمه، وتَبِينُ منه زوجتُه بينونةً كبرى، وإن كان وقتَ وقوع الطلاق غيرَ مالكٍ لأمر نفسه، ولم يعلم بما تلفظ به؛ فلا يلزمه الطلاق، فوقوع الطلاق من عدمه يتوقف على وجود العقل وغيابه وقت التلفظ بالطلاق، لا على مجرد كون المطلّق مريضا نفسيا أو غير مريض، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم  

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد العالي بن امحمد الجمل

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

03//شعبان//1445 هـ

13//02//2024م

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق