بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5730)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما حكم الزوجة التي تطلب الطلاق من زوجها بسبب أو بدون سبب؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالأصل في الزواج أن تدوم فيه العشرة والمحبة والانسجام والتفاهم بين الزوجين، قال الله تعالى: (وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]، وقد شُرع الطلاق في أحوال خاصة، يتعذر معها استمرار الحياة الزوجية، كأن يكون استمرارها يوقع أحد الزوجين في الحرام، مثل إضرار أحدهما بالآخر، أو التقصير في حقه.
عليه؛ فلا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها من غير سبب يدعو له؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ) [أبوداود: 2226].
فلا تطلب المرأة الطلاق إلا لسوء عشرة من الزوج وتضررت بالبقاء معه، أو خافت بالبقاء معه ألَّا تقيم حدود الله بالتقصير في حقّه الذي أوجبه الله عليها، ويجوز لها في هذه الحالة إن كرهت البقاء معه أن تخالعه بما يتم الاتفاق عليه بينهما، قال القرطبي رحمه الله: “وَالّذِي عَلَيهِ الْجُمْهُورُ مِنَ الْفَقَهَاءِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْخُلْعُ مِنْ غَيْرِ اشْتِكَاءِ ضَرَرٍ، كَمَا دَلّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبُخَارِي وَغَيْرِهِ” [تفسير القرطبي: 3/140]، وقال ابن عبد البر رحمه الله: “وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إِجَازَةِ الْخُلْعِ بِالصَّدَاقِ الَّذِي أَصْدَقَهَا، إِذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا بِهَا، وَخَافَا ألّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ” [التمهيد: 23/368]، ولا يحل للزوج أن يضارّ زوجته؛ ليضطرها إلى الخلع وطلب الطلاق، أو يسيء عشرتها ومعاملتها بضربٍ، أو بأيّ شيءٍ آخر يتعارضُ مع المودة والرحمة، التي حث عليها الإسلام، وينبغي له أن يحسن العشرة، وأن يسعى في الصلح، قال الله تعالى: (وَٱلصُّلۡحُ خَيۡرٌ) [النساء: 128]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02//صفر//1446هـ
06//08//2024م