حكم مخالفة اللوائح والقوانين في علو البناء وعدد الطوابق
التعدي على ستر البيوت والأفنية بعلو المباني
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3755)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
مستثمر عقاري يخالفُ في بنائه التخطيطَ الموضوعَ من الدولة في تصنيف المناطق، فيأتي مثلا إلى منطقةٍ مصنفةٍ من الدولة على أنّ ارتفاع المباني فيها لا يتجاوز (8م) ثمانية أمتار (طابقان وملحق)، فيبني خمسة (5) طوابق، علمًا بأنّ الضّرر يحدث للجيران بسبب ارتفاع المباني؛ من حجبٍ لتغطية الهاتف والإنترنت، وتعدٍّ على ستر البيوت والأفنية، وغير ذلك، فما حكم ذلك؟ وهل يجوز البيع والشّراء منه في الأدوار التي تعدّى فيها قانون التّخطيط؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإنّ من ملك ظاهر الأرضِ ملكَ إلى أعلى ما يمكن أن ينتفع به، قال الونشريسي رحمه الله: “مَنْ مَلَكَ أَرْضًا مَلَكَ أَعْلَاهَا مَا أَمْكَنْ”[إيضاح المسالك:167]، ويجوز له أن يبيع ما بنى عليه، إذا كان على الوجه الشرعي، ويجوز للدولة في بعض الأحوال أن تقيد بعض المباح، بما يحقق المصلحة الدنيوية العامة للمسلمين، وإن كان ذلك على حساب مصلحة شخصية لبعض الأفراد، ويكون ذلك في غير المنصوص عليه، وهو ما سكت عنه الشارع، وكان داخلًا في العفو العام، الذي دلَّ عليه أثر ابن عباس رضي الله عنهما: “فبعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرّم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو” [أبوداود:3800]، ومن ذلك تحديد نوع البناء وطوله وعرضه وأدواره وطوابقه وعمقه، أخذًا بمبدأ السياسة الشرعية، وحرصًا على رعاية شؤون الناس، وتحقيق مصالحهم.
عليه؛ فإذا كان هناك قانون ينظّم هذا الجانب من مصالح الناس في البناء، فيجبُ على المواطنين الرّجوع إليه، والعمل بمقتضاه، ولا يجوز تجاوزه، وتُعدُّ أيّ مخالفة لذلك من التّعدّي على المصالح العامّة بغير حقّ، قال الله عز وجل: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة:190]، وما حرم تملّكه والانتفاع به حرم بيعه و شراؤه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ) [سنن الدّارقطني:2815]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15//جمادى الأولى//1440هـ
21//01//2019م