بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
رقم الفتوى (5551)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
وقع خلاف مع زوجتي من مدة، فطلقتُها طلقة واحدة، وبعدها بثلاثة أيام أرسلت لها رسالة أخبرتها أني أرجعتها لعصمتي، وأخبرت أخاها بذلك، ولكن رفضَ إخوتُها رجوعَها لي، وقالوا لابد من توثيق الطلقة بالمحكمة، وإرجاعها بعقد جديد، ومنعوني من الرجوع إلى البيت، وهي لا تزال مقيمة فيه مع الأبناء، فهل الرجعة صحيحة؟ وهل لابد للرجعة من عقد جديد؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن الرجعة تصحّ بالقول الدالِّ على ذلك، ما دام الطلاق رجعيًّا ولم تنقضِ عدّتها؛ لقول الله عز وجل: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا﴾ [البقرة:228]، ولا يشترطُ فيها أن تكون بعقدٍ جديدٍ وصداق وشهودٍ، بل يكفي مجرد قول الزوج: “أرجعتُ زوجتي لعصمتي” أو نحو ذلك، قال ابن عبد البر رحمه الله: “إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ الطَّلَاقَ الَّذِي أَذِنَ اللهُ لَهُ فِيهِ؛ فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا، مَا دَامَت فِي عِدَّتِهَا، وَإِن كَرِهَتْ، دُونَ صَدَاقٍ، وَلاَ وَلِيٍّ” [الكافي في فقه أهل المدينة 2/617]، أمّا الإشهادُ على الرجعة فليس شرطًا لصحة الرجعة، وإنما هو مندوب؛ رفعًا للنزاعِ.
عليه؛ فالرجعة صحيحة، والمرأة باقيةً على ذمة الزوج، وفي عصمته، ولا يحقّ لأهل الزوجة منع الزوج من العودة لبيته؛ وهو تعدٍّ منهم وظلم يجب رفعه، والواجبُ عليهم إصلاحُ ذاتِ بينهما، قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ [الأنفال:1]، وفعلهم هذا مِن تخبيبِ الزوجةِ على زوجِها، وهو محرّم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خبّب زَوْجَة امْرِىءٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا) [أبوداود:5170]، والتخبيب: إفساد العلاقةِ بين الزوجين، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
29//شعبان//1445هـ
10//03//2024م